العبري من الحنفية
هذا، والعبري الفرغاني من علماء الحنفيّة، وقال بعضهم: كان مدرّساً متقناً لمذهب الحنفي والشافعي كليهما، قال اليافعي بترجمته:
«سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، فيها توفّي الإمام العلاّمة قاضي القضاة عبيدالله بن محمّد العبيدي الفرغاني، الحنفي، البارع العلاّمة المناظر، يضرب بذكائه ومناظراته المثل، كان إماماً بارعاً متقناً، خرج به الأصحاب، يعرف المذهبين الحنفي والشافعي، أقرأهما وصنّف فيهما، وأمّا الاُصول والمعقول فتفردّ فيهما بالإمامة، وله تصانيف منها شرح الغاية في الفقه في مذهب الشافعي، وشرح الطوالع، وشرح المصباح، وشرح المنهاج للبيضاوي، وغير ذلك من التصانيف والأمالي والتعاليق، وولي تبريز وأعمالها إلى أن توفّي، وكان اُستاذ الاُستاذين في وقته»(1).
وقال ابن حجر:
«عبيدالله بن محمّد الهاشمي الحسيني الفرغاني الشريفي المعروف بالعبري ـ بكسر المهملة وسكون الموحّدة ـ كان عارفاً بالأصلين، وشرح مصنّفات القاضي ناصرالدين البيضاوي المنهاج والمطالع والغاية في الفقه والمصباح، وسكن سلطانيّة ثمّ تبريز وولي قضاءها، ذكره الأسنوي في طبقات الشافعيّة ويقال: إنّه كان يقرأ المذهبين وكان أوّلاً حنفيّاً. وذكره الذهبي فى المشتبه في العبري فقال: عالم كبير في وقتنا وتصانيفه سائرة.
ومات في شهر رجب سنة 643.
قلت: رأيت بخط بعض فضلاء العجم أنه مات في غرّة ذي الحجّة منها ـ وهو أثبت ـ ووصفه فقال:
هو الشريف المرتضى قاضي القضاة، كان مطاعاً عند السلاطين، مشهوراً في الآفاق، مشاراً إليه في جميع الفنون، ملاذاً للضعفاء، كثير التواضع والإنصاف، ومال في أوخر عمره إلى الإشتغال في العلوم الدينيّة، وشرح كتاب المصابيح في المسجد الجامع بحضرة الخاص والعام، بعبارات عذبة فصيحة قريبة من الأفهام، وكانت وفاته بتبريز»(2).
وقال ابن جماعة في (طبقات الشافعية):
«عبيدالله بن محمّد الشريف برهان الدين الحسيني الفرغاني المعروف بالعبري، قاضي تبريز، كان جامعاً لعلوم شتّى من الأصلين والمعقولات، وله تصانيف مشهورة، وسكن السلطانيّة مدّة ثمّ انتقل إلى تبريز، وشرح كتب البيضاوي: المنهاج والغاية القصوى والمصباح والمطالع، ذكره الأسنوي في طبقاته لكن قال الحافظ الزين العراقي في ذيل العبر: كان حنفيّاً يقرأ مذهب أبي حنيفة والشافعي، وصنّف فيهما. وقال الذهبي في المشتبه: النبيل العبري عالم كبير في وقتنا، توفي بتبريز في رجب سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، والعبري ـ بكسر العين المهملة وسكون الباء الموحّدة ـ لا أدري نسبة إلى ماذا».
وقال ابن قاضي شهبة:
«عبيدالله بن محمد بن الشريف برهان الدين الحسيني الفرغاني، المعروف بالعبري، قاضي تبريز، كان جامعاً لعلوم شتّى من الأصلين والمعقولات، وله تصانيف مشهورة. وسكن السلطانيّة مدةً، ثم انتقل إلى تبريز، وشرح كتب البيضاوي: المنهاج، والغاية القصوى، والمصباح، والطوالع.
ذكره الإسنوي في طبقاته.
لكنْ قال الحافظ زين الدين العراقي في ذيل العبر: كان حنفيّاً، يقرىء مذهب أبي حنيفة والشافعي، وصنّف فيهما… توفي سنة 743»(3).
وأمّا الإماميّة فيتّبعون السنّة المكرَّمة، فإنّ أحكام الشّريعة المطهّرة عندهم متّخذة من الأخبار الواصلة إليهم من أئمّة العترة المعصومين، ومن هنا قال ابن تيميّة مشنّعاً عليهم:
«وأمّا الفقه، فهم من أبعد النّاس عن الفقه، وأصل دينهم في الشريعة هي مسائل ينقلونها عن بعض علماء أهل البيت، كعليّ بن الحسين وابنه أبي جعفر وابنه جعفر بن محمّد، وهؤلاء رضي الله عنهم من أئمّة الدين وسادات المسلمين، لكن لا ينظرون في الإسناد إليهم هل يثبت النقل إليهم أم لا؟ فإنّه لا معرفة لهم بصناعة الحديث والأسناد.
ثمّ إنّ الواحد من هؤلاء إذا قال قولاً لا يطلب دليله من الكتاب والسنّة ولا ما يعارضه، ولا يردّون ما تنازع فيه المسلمون إلى الله والرسول كما أمر الله به ورسوله، بل قد أصّلوا لهم ثلاثة اُصول: أحدها: أنّ هؤلاء معصومون. والثاني: أنّ كلّما يقولون فإنّه نقل عن النبي. والثالث: إنّ إجماع العترة حجّة وهؤلاء هم العترة، فصاروا لذلك لا ينظرون إلى دليل ولا تعليل… وإنْ كانت المسألة ممّا انفردوا بها اعتمدوا على الاُصول الثلاثة التي فيها من الجهل والضلال ما لا يخفى»(4).
(1) مرآة الجنان 4: 230.
(2) الدرر الكامنة بأعيان المائة الثامنة 2: 433/2560.
(3) طبقات الشافعيّة 3: 183 برقم 597.
(4) منهاج السنة 6: 380 .