نسبته المعصية إلى يوسف عليه السلام
وقال الرازي في (تفسيره) في قصّة يوسف عليه السلام:
«وأمّا الذين نسبوا المعصية إلى يوسف عليه السلام، فقد ذكروا في تفسير ذلك البرهان اُموراً:
الأوّل: قالوا: إنّ المرأة قامت إلى صنم مكلّل بالدرّ والياقوت في زاوية البيت فسترته بثوب. فقال يوسف: لِمَ فعلت ذلك؟ قالت: أستحيي من إلهي أنْ يراني على معصية. فقال يوسف: أتستحين من صنم لا يعقل ولا يسمع، ولا أستحيي من إلهي القائم على كلّ نفس بما كسبت، فوالله لا أفعل ذلك أبداً. قالوا: فهذا هو البرهان.
الثاني: نقلوا عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّه تمثّل له يعقوب، فرآه عاضّاً على أصابعه ويقول له: أتعمل عمل الفجّار وأنت مكتوب في زمرة الأنبياء؟ قالوا: فاستحيى منه. وهو قول عكرمة ومجاهد والحسن وسعيد بن جبير ومقاتل وقتادة والضحّاك وابن سيرين. قال سعيد بن جبير: تمثّل له يعقوب، فضرب في صدره، فخرجت شهوته من أنامله…»(1).
وقد نصّ الرازي على أنّ من نسب المعصية إلى يوسف فهو شرّ من إبليس، لإنّه ـ بعد أنْ ذكر شهادة الله، وشهادة من شهد ببراءة يوسف، وكذا إقرار إبليس بذلك ـ قال:
«وعند هذا نقول: هؤلاء الجهّال الذين نسبوا إلى يوسف عليه السلام هذه الفضيحة، إنْ كانوا من أتباع دين الله تعالى، فليقبلوا شهادة الله تعالى على طهارته، وإنْ كانوا من أتباع إبليس وجنوده، فليقبلوا شهادة إبليس على طهارته، ولعلّهم يقولون: كنّا في أوّل الأمر تلامذة إبليس، إلى أنْ تخرّجنا عليه، فزدنا عليه في السفاهة…»(2).
(1) تفسير الرازي 18: 120.
(2) تفسير الرازي 18: 117.