موقف البخاري من حديث الغدير وكلمات الأعلام فيه
ومن غرائب تعصّبات البخاري: طعنه في حديث الغدير المروي عن أكثر من مائة صحابي، والبالغ أضعاف شروط التواتر، والمصرَّح بتواتره من قبل الأئمّة الثقات المتبحّرين في الحديث عند أهل السنّة، كما لا يخفى على من اقتطف الأزهار من (الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة)، واستفاد من (الفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة) وكلاهما للحافظ السيوطي، أو راجع (شرح الجامع الصغير) لنورالدين العزيزي، أو (شرح الجامع الصغير) للمناوي، أو (المرقاة) لعلي القاري، أو(الأربعين في مناقب أميرالمؤمنين) لجمال الدين المحدّث الشيرازي، أو (السيف المسلول) لثناء الله تلميذ ولي الله والد صاحب التحفة، أو (أسنى المطالب) لابن الجزري، وغير هذه الكتب.
قال ابن تيميّة ـ في حديث الغدير ـ: «وأمّا قوله: من كنت مولاه فعليّ مولاه، فليس في الصحاح، لكنْ ممّا رواه العلماء، وتنازع الناس في صحّته، فنقل عن البخاري وإبراهيم الحربي وطائفة من أهل العلم أنّهم طعنوا فيه وضعّفوه»(1).
اللّهمّ إلاّ أن يكون قد طعن في بعض طرقه، فنسب إليه ابن تيميّة الطعن في أصله…!!
فإنْ كان البخاري قد طعن في أصل حديث الغدير، فقد نصَّ غير واحد من أعلام القوم على عدم الإعتبار بكلام من طعن فيه كائناً من كان… يقول البدخشي: «هذا حديث صحيح مشهور، ولم يتكلَّم في صحّته إلاّ متعصّب جاحد لا اعتبار بقوله، فإنّ الحديث كثير الطرق جدّاً، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وقد نصَّ الذهبي على كثير من طرقه بالصحّة، ورواه من الصحابة عدد كثير»(2).
وكذلك نسب الحافظ ابن الجزري منكر حديث الغدير إلى الجهل والعصبيّة(3).
(1) منهاج السنة 4: 136.
(2) نزل الأبرار بما صحَّ من مناقب أهل البيت الأطهار: 21.
(3) أسنى المطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب: 48.