كتاب الإمامة والسياسة
وهذا الكتاب لابن قتيبة المذكور قطعاً، فلقد نقل عنه غير واحد من أعلام أهل السنّة في مختلف القرون في كتبهم نصوصاً في موضوعات مختلفة هي موجودة في كتاب (الإمامة والسياسة):
1 ـ يقول ابن العربي المالكي المتوفّى سنة 543 في كتابه (العواصم من القواصم) الذي شحنه بغضاً وحقداً لأهل البيت عليهم السلام وعناداً للحق وأهله:
«ومن أشدّ شيء على الناس جاهل عاقل أو مبتدع محتال. فأمّا الجاهل فهو ابن قتيبة، فلم يبق ولم يذر للصحابة رسماً في كتاب الإمامة والسياسة، إنْ صحّ جميع ما فيه»(1).
2 ـ ويقول أبو الحجاج يوسف بن محمّد البلوي الأندلسي المالكي المتوفّى سنة 604(2) في كتابه (ألف باء): «ذكر ابن قتيبة في الإمامة والسياسة: أنّه لمّا قدم على الحجاج سعيد بن جبير قال له: ما اسمك؟ قال: أنا سعيد بن جبير. فقال الحجاج: أنت شقي بن كسير. قال سعيد: اُمّي أعلم باسمي…»(3).
3 ـ ويقول تقي الدين الفاسي المكي المتوفّى سنة 832، في ذكر الولاة على مكّة المكرّمة: «2458 ـ مسلمة بن عبدالملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص الاموي. أمير مكّة. ذكر ولايته عليها ابن قتيبة في الإمامة والسياسة، لأنّه قال: ذكروا أنّ مسلمة بن عبدالملك كان والياً على أهل مكّة، فبينا هو يخطب على المنبر، إذ أقبل خالد بن عبدالله القسري…»(4).
4 ـ وكذا يقول عمر بن فهد المكي المتوفّى سنة 885، في ذكر الولاة على مكّة كذلك، لأنّه لم يذكر ولاية مسلمة بن عبدالملك عليها غير ابن قتيبة في كتابه، كما هو ظاهر عبارة التقي الفاسي المتقدّمة، فقد اعتمد ابن فهد أيضاً على نقل ابن قتيبة في الإمامة والسياسة فقال: «وقال أبو محمّد عبدالله بن مسلم بن قتيبة في كتاب الإمامة والسياسة: كان مسلمة بن عبدالملك بن مروان والياً على أهل مكّة…»(5).
5 ـ ويقول ابن حجر المكي صاحب (الصواعق) متضجّراً من نقل ابن قتيبة في كتاب الإمامة والسياسة ما شجر بين الصحابة بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله، ويعترض عليه ـ تبعاً لابن العربي المالكي ـ روايته لمثل هذه الاُمور:
«مع تآليف صدرت من بعض المحدّثين كابن قتيبة، مع جلالته القاضية بأنّه كان ينبغي له أن لا يذكر تلك الظواهر، فإنْ أبى إلاّ أن يذكرها، فليبيّن جريانها على قواعد أهل السنّة…»(6).
هذا، وقد نقل عن كتاب (الإمامة والسياسة) مع نسبته إلى ابن قتيبة، جماعة آخرون من أعلام القوم:
كابن خلدون في: تاريخه المعروف… 2: 166.
وأبي عبدالله محمّد بن علي التوزري المصري في كتابه: صلة السمط وسمة المرط في الأدب والتاريخ(7)، في الفصل الثاني من الباب 34.
وشاه سلامة الله البدايوني ـ أحد علماء الهند ـ في كتابه: معركة الآراء: 126.
وذكر حيدر علي الفيض آبادي في كتابه: منتهى الكلام في الردّ على الشيعة: أنّهم ـ أي الشيعة ـ يعتمدون على كتاب (الإمامة والسياسة) لابن قتيبة إعتمادهم على القرآن الكريم…!!
فنقول: والعياذ بالله من هذا الكلام… فالإماميّة إنّما تستند إلى هذا الكتاب لكونه من مؤلّفات أحد أعلام أهل السنّة المنحرفين عن أهل البيت عليهم السلام، ومن باب الإلزام والإحتجاج، ولا تقول الشيعة بصحّة كلّ ما فيه من الأخبار، بل شأنه شأن سائر الكتب، فيه الحق والباطل، فكيف يقاس بالقرآن الكريم الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه)(8).
هذا، وقد نسب كتاب (الإمامة والسياسة) إلى ابن قتيبة، جلّ المؤلّفين المعاصرين أمثال:
فريد وجدي في: دائرة المعارف.
وعمر رضا كحّالة في: معجم المؤلفين.
وإلياس سركيس في: معجم المطبوعات العربيّة.
وجرجي زيدان في: تاريخ آداب اللغة العربيّة.
وهاهوكتاب (الإمامة والسياسة) مطبوع ـ بتحقيق غير واحد من المحقّقين ـ طبعات عديدة في بلاد مختلفة، قال جرجي زيدان: ومنه نسخ خطيّة في مكتبات باريس ولندن.
قلت: ومنه نسخة نفيسة جدّاً، ترجع إلى القرن الثالث أو الرابع في مكتبة المجلس بطهران.
(1) العواصم من القواصم: 248.
(2) توجد ترجمته في معجم المؤلّفين 13: 330 وذكر كتابه في كشف الظنون 1/150.
(3) كتاب الألف باء في المحاضرات: 478.
(4) العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين 6:72.
(5) إتحاف الورى بأخبار اُمّ القرى. حوادث سنة 93.
(6) تطهير الجنان واللسان: 72.
(7) انظر: معجم المؤلفين 11: 57.
(8) سورة فصّلت: 42.