قول ابن عبّاس بوقوع الغلط في القرآن
واشتهر عن ابن عبّاس القول بوقوع الخطأ والغلط في القرآن العظيم، الذي عليه مدار الإيمان وهو أصل الإسلام…
قال السيوطي ـ بعد ذكر بعض الأحاديث الدالّة على وقوع اللّحن في القرآن:
«ويقرب ممّا تقدّم عن عائشة:
ما أخرجه ابن جرير وسعيد بن منصور في سننه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عبّاس، في قوله (حتّى تستأنسوا وتسلّموا) قال: إنّما هي خطأ من الكاتب، حتّى تستأذنوا وتسلّموا.
أخرجه ابن أبي حاتم بلفظ: هو ـ فيما أحسب ـ ممّا أخطأ به الكتّاب.
وما أخرجه ابن الأنباري من طريق عكرمة عن ابن عبّاس أنّه قرأ: أفلم يتبيّن الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى النّاس جميعاً. فقيل له: إنّها في المصحف: (أفلم ييأس الذين آمنوا). قال: أظنّ الكاتب كتبها وهو ناعس.
وما أخرجه سعيد بن منصور، من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس أنّه كان يقول في قوله (وقضى ربّك) إنما هي: ووصّى ربّك، التزقت الواو بالصّاد.
وأخرجه ابن أشتة بلفظ: استمدّ الكاتب مداداً كثيراً، فالتزقت الواو بالصاد.
وأخرج هو من طريق الضحّاك عن ابن عبّاس أنّه كان يقرأ: ووصّى ربّك ويقول: أمر ربّك، إنّهما واوان التصقت إحداهما بالصّاد.
وأخرج من طريق اُخرى عن الضحّاك أنّه قال: كيف تقرأ هذا الحرف؟ قال: (وقضى ربّك) قال: ليس كذلك نقرؤها نحن ولا ابن عبّاس، إنّما هي: ووصّى ربّك، كذلك كانت تقرأ وتكتب، فاستمدّ كاتبكم فاحتمل القلم مداداً كثيراً فالتزقت الواو بالصاد، ثمّ قرأ: (ولقد وصّينا الذين اُوتوا الكتاب)، ولو كانت قضاء من ربّك لم يستطع أحد ردّ قضاء الربّ، ولكنّه وصيّة أوصى بها العباد.
وما أخرجه سعيد بن منصور وغيره، من طريق عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عبّاس أنّه كان يقرأ: ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان ضياء، ويقول: خذوا هذه الواو واجعلوها هاهنا (والذين قال لهم النّاس إنّ النّاس قد جمعوا لكم)الآية.
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق الزبير بن خرّيت، عن عكرمة، عن ابن عبّاس: إنزعوا هذه الواو فاجعلوها في: الذين يحملون العرش ومن حوله.
وما أخرجه ابن أشتة وابن أبي حاتم من طريق عطا، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: (مثل نوره كمشكاة) قال: هي خطأ من الكاتب، هو أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة، إنّما هي مثل نور المؤمن من المشكاة»(1).
(1) الدر المنثور 5: 634، 6: 197.