عثمان بن أبي شيبة
ومنهم: عثمان بن أبي شيبة.
قال اليافعي في (تاريخه):
«الحافظ عثمان بن أبي شيبة العبسي الكوفي، وكان أسنّ من أخيه أبي بكر. رحل وطوّف، وصنّف التفسير والمسند، وحضر مجلسه ثلاثون ألفاً»(1).
وقال الذهبي في (الميزان):
«خ م دق ـ عثمان بن أبي شيبة، أبوالحسن، أحد أئمّة الحديث الأعلام، كأخيه أبي بكر»(2).
ومع ذلك، فقد تُكلّم فيه من جهات، قال في (الميزان):
«قال عبدالله: وقلت لأبي: حدّثنا عثمان، ثنا جرير، عن شيبة بن نعامة، عن فاطمة بنت حسين بن علي، عن فاطمة الكبرى، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: لكلّ بني أب عصبة ينتمون إليه، إلاّ ولد فاطمة، أنا عصبتهم.
وقلت له: حدّثنا عثمان، ثنا أبو خالد الأحمر، عن ثور بن يزيد، عن أبي الزبير، عن جابر عن النبي صلّى الله عليه وآله قال: تسليم الرجل بأصبع واحدة يشير بها فعل اليهود.
فأنكر أبي هذه الأحاديث مع أحاديث من هذا النحو، أنكرها جدّاً وقال: هذه موضوعة أو كأنّها موضوعة.
وقال أبي: أبو بكر أخوه أحبّ إليّ من عثمان.
فقلت: إنّ يحيى بن معين يقول: إنّ عثمان أحبّ إليّ.
فقال أبي: لا.
ورواها أبو علي ابن الصواف، عن عبدالله، عن أبيه وزاد فقال: ما كان أخوه أبوبكر يُطَنِّف نفسه لشيء من هذه الأحاديث، نسأل الله السلامة.
وقال: كنّا نراه يتوهّم هذه الأحاديث»(3).
«قال يحيى: ثقة مأمون.
قلت: إلاّ أنّ عثمان كان لا يحفظ القرآن فيما قيل.
فقال أحمد بن كامل: ثنا الحسن بن الحباب: أنّ عثمان بن أبي شيبة قرأ عليهم في التفسير: (ألم تر كيف فعل ربّك) قالها: الف لام ميم»(4).
«قلت: لعلّه سبق لسان، وإلاّ فقطعاً كان يحفظ سورة الفيل، وهذا تفسيره قد حمله النّاس عنه»(5).
وقال السيوطي في (تدريب الراوي):
«أورد الدارقطني في كتاب التصحيف كلّ تصحيف وقع للعلماء حتّى في القرآن، من ذلك ما رواه أنّ عثمان بن أبي شيبة قرأ على أصحابه في التفسير: «وجعل السفينة في رجل أخيه. فقيل له: إنّما هو (جعل السقاية في رحل أخيه). فقال: أنا وأخي أبوبكر لا نقرأ لعاصم. قال: وقرأ عليهم في التفسير (ألم تر كيف فعل ربّك بأصحاب الفيل) قال: ا ل م. كأوّل البقرة»(6).
وفي (الميزان):
«قال الخطيب في جامعه: لم يحك عن أحد من المحدّثين من التصحيف في القرآن الكريم، أكثر ممّا حكي عن عثمان بن أبي شيبة، ثمّ ساق بسنده عن إسماعيل بن محمّد التستري: سمعت عثمان بن أبي شيبة يقرأ «فإن لم يصبها وابل فظل» وقرأ مرّة «من الخوارج مكلّبين».
وقال أحمد بن كامل القاضي: ثنا أبوالشيخ الأصبهاني محمّد بن الحسن قال: قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة «بطشتم خبّازين».
وقال محمّد بن عبيدالله بن المنادي: قال لنا عثمان بن أبي شيبة: «ن والقلم» أي سورة هو؟
وقال مطين: قرأ عثمان بن أبي شيبة «فضرب لهم سنور له ناب» فردّوا عليه فقال: قراءة حمزة عندنا بدعة.
وقال يحيى بن محمّد بن كاس النخعي: ثنا إبراهيم بن عبدالله الخصاف قال: قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة تفسيره فقال: «جعل السفينة في رجل أخيه» فقيل: إنّما هو «السقاية». فقال: أنا وأخي لا نقرأ لعاصم»(7).
وكما حمل الذهبي خطأ عثمان في سورة الفيل على سبق اللّسان، حاول حمل تصحيفاته على المزاح والدعابة! فقال:
«قلت: فكأنّه كان صاحب دعابة، ولعلّه تاب وأناب»…
لكن الدعابة في ألفاظ القرآن توجب الفسق، ولذا قال «لعلّه تاب وأناب» وهل يكفي «لعلّ» لو كان ذلك منه «دعابة»؟
والألطف من ذلك تمنّيه موت إسحاق من أجل الشهرة والرئاسة، قال في (الميزان):
«قال إبراهيم بن أبي طالب الحافظ: دخلت عليه فقال لي: إلى متى لا يموت إسحاق؟
فقلت: شيخ مثلك يتمنّى موت شيخ مثله؟!
فقال: دعني، فلو مات لصفا لي جوّي»(8).
(1) مرآة الجنان 2: 92 السنة 239.
(2) ميزان الاعتدال 3: 35/5518.
(3) ميزان الاعتدال 3: 36/5518.
(4) ميزان الاعتدال 3: 37/5518.
(5) ميزان الاعتدال 3: 37/5518.
(6) تدريب الراوي 2: 175 ـ النوع السادس والثلاثون.
(7) ميزان الاعتدال 3: 37/5518.
(8) ميزان الاعتدال 3: 38/5518.