زيد بن أسلم
وأمّا زيد بن أسلم، فيكفي عن ذكر مناقبه كما في (تهذيب الأسماء)(1) كونه مولى عمر بن الخطّاب، لأنّ هذه العلقة ـ كما ذكر الدهلوي في (التحفة) ـ توجب الاتّحاد بين المالك والمولى في العقيدة والطريقة.
والأهم من ذلك دعواهم حضور الإمام علي بن الحسين السجّاد عليه السلام عنده للإستفادة، حتّى قيل له: «غفر الله لك، أنت سيّد النّاس وأفضلهمْ، تذهب إلى زيد بن أسلم وهو مولى فتجلس معه؟» فقال: «ينبغي للعلم أنْ يبتغى حيث هو»!! قالوا: «وكان يتخطّى حلق قومه حتّى يأتي زيد بن أسلم فيجلس عنده ويقول: إنّما يجلس الرجل إلى من ينفعه في دينه».
هكذا في (تحصيل الكمال في أسماء الرجال)(2).
وأعوذ بالله من هذا البهتان الذي افتراه أهل الضّلال، تنقصياً من شأن الإمام عليه السلام.
كما لا يخفى على اُولي الأبصار والأفهام…
لكن ابن عدي أدرج زيداً في كتاب (الكامل)(3) الذي صنّفه في أسماء الضعفاء، وهو كما قال المناوي في (فيض القدير):
«أصل من الاُصول المعوّل عليها المرجوع إليها، طابق اسمه معناه، ووافق لفظه فحواه، من عينه انتجع المنتجعون، وبشهادته حكم الحاكمون، وإلى ما قاله رجع المتقدّمون والمتأخّرون»(4).
وهذا ما أزعج الذهبي فقال:
«زيد بن أسلم مولى عمر، تناكد ابن عدي بذكره في الكامل. فإنّه ثقة حجّة. فروى عن حمّاد بن زيد قال: قدمت المدينة وهم يتكلّمون في زيد بن أسلم، فقال لي عبيدالله بن عمر: ما نعلم به بأساً إلاّ أنّه يفسّر القرآن برأيه»(5).
فقد اعترض الذهبي على ابن عدي ذكره في الضعفاء، إلاّ أنّه أضاف إلى ذلك «تكلّم أهل المدينة في زيد بن أسلم» وروى عن عبيدالله بن عمر أنّه «كان يفسّر القرآن برأيه» وهذا يكفي لسقوط تفسيره عن الاعتبار، وقد أخرج الترمذي:
«عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: اتّقوا الحديث عنّي إلاّ ما علمتم، فمن كذب علَيّ متعمّداً فليتبوّء مقعده من النّار، ومن قال في القرآن برأيه فليتبوّء مقعده من النّار. هذا حديث حسن»(6).
(1) تهذيب الأسماء واللغات 1 : 200/185 .
(2) تحصيل الكمال في أسماء رجال المشكاة للشيخ عبدالحق الدهلوي ـ ترجمة زيد بن أسلم.
(3) الكامل في ضعفاء الرجال 4: 163/704.
(4) فيض القدير في شرح الجامع الصغير 1: 28 ـ 29.
(5) ميزان الاعتدال 2: 98/2989.
(6) صحيح الترمذي 5: 199/2951 كتاب تفسير القرآن الباب 1.