حديث نفي توريث الأنبياء
(ومنها) ما أخرجه البخاري، وهذه ألفاظه في كتاب الفرائض:
«حدّثنا عبدالله بن مسلمة، عن مالك عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة: إنّ أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم حين توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أردن أن يبعثن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهنّ، فقالت عائشة: أليس قد قال رسول الله: لا نورّث ما تركناه صدقة»(1).
وقد بيّن علماؤنا الأعلام في كتبهم المبسوطة أنّ هذا موضوع(2)، وقد وضعوه لأن يحرموا بضعة رسول الله صلّى الله عليه وآله ممّا ترك، فراجع كتاب (تشييد المطاعن) وغيره. ويكفي في تكذيبه أنّ عليّاً عليه السلام ردّ عليه في كلام له مع أبي بكر، وأثبت مخالفته لكتاب الله:
قال ابن سعد: «أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني هشام بن سعد، عن عبّاس بن عبدالله بن معبد، عن أبي جعفر قال: جاءت فاطمة إلى أبي بكر تطلب ميراثها، وجاء العبّاس بن عبدالمطّلب يطلب ميراثه، وجاء معهما علي، فقال أبوبكر: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا نورّث ما تركنا صدقة، وما كان النبي يعول فعليَّ. فقال علي (وورث سليمان داود)(3) وقال زكريّا: (يرثني ويرث من آل يعقوب)(4) قال أبوبكر: هو هكذا، وأنت تعلم مثل ما أعلم. فقال علي: هذا كتاب الله ينطق. فسكتوا وانصرفوا»(5).
(1) صحيح البخاري 8: 266.
(2) بل لقد أجرى الله هذه الحقيقة على لسان أحد الأئمة الحفّاظ منهم، وهو الحافظ ابن خراش، المتوفى سنة 283، وقد ذكر ذلك عنه الحافظ الذهبي بترجمته من كتاب تذكرة الحفّاظ 2:684/705 :
«قال ابن عدي: سمعت عبدان يقول: قلت لابن خراش: حديث ما تركنا صدقة؟ قال: باطل، اتّهم مالك بن أوس بالكذب» وكذا الحافظ ابن حجر بترجمته من لسان الميزان 3: 509: «وقال عبدان: قلت لابن خراش: حديث: لا نورّث ما تركنا صدقة؟ قال: باطل. قلت: من تتّهم به؟ قال: مالك بن أوس» .
(3) سورة النمل 27:16.
(4) سورة مريم 19:6.
(5) الطبقات الكبرى 2: 315.