اختلط في آخر عمره
ثمّ إنّه قد اختلط في أواخر حياته، كما نصّ عليه علماء الرجال، قال الذهبي:
«روى محمّد بن عبدالله بن عمّار الموصلي، عن يحيى بن سعيد القطّان قال: أشهد أنّ سفيان بن عيينة اختلط سنة 197، فمن سمع منه فيها فسماعه لا شيء».
ثمّ انبرى الذهبي للدفاع عن روايات القوم عن سفيان، مستبعداً كلام القطّان، ومغلّطاً الموصلي في نقله ـ وقد قال الزهري في حقّه: صدوق ثقة صاحب حديث(1) ـ فقال:
«قلت: سمع منه فيها محمّد بن عاصم صاحب ذاك الجزء العالي، ويغلب على ظنّي أنّ سائر شيوخ الأئمّة الستّة سمعوا منه قبل سنة سبع، فأمّا سنة ثمان وتسعين ففيها مات ولم يلقه أحد فيها، لأنّه توفّي جبمكّةج قبل قدوم الحاجّ بأربعة أشهر.
وأنا أستبعد هذا الكلام من القطّان، وأعدّه غلطاً من ابن عمّار، فإنّ القطّان مات في صفر من سنة ثمان وتسعين وقت قدوم الحاج، ووقت تحدّثهم عن أخبار الحجاز، فمتى تمكّن يحيى بن سعيد أن يسمع اختلاط سفيان ثمّ يشهد عليه بذلك، والموت قد نزل به، فلعلّه بلغه ذلك في أثناء سنة سبع، مع أنّ يحيى متعنّت جدّاً في الرجال، وسفيان ثقة مطلقاً، والله أعلم»(2).
لكنْ كيف يجتمع هذا التهجّم على يحيى بن سعيد القطّان، مع تلك المناقب الجليلة والدرجات الرفيعة التي يذكرونها، له في العلم والورع والإتقان، حتّى قال أحمد بن حنبل: «ما رأيت مثله في كلّ أحواله»؟
(1) ميزان الاعتدال ـ ترجمة محمّد بن عبدالله بن عمّار 3: 596/7753. وفيه: قال النسائي: ثقة صاحب حديث.
(2) ميزان الاعتدال ـ ترجمة سفيان بن عيينة 2: 170 ـ 171/3327.