إلتزام بعضهم بمفاده الباطل
إلاّ أنّ أكثر المحقّقين منهم لم يسلكوا سبيل الخيانة والتحريف، كما صنع ابن روزبهان وصاحب سبل الهدى، بل استحوذ عليهم حبّ البخاري، فصدّقوا بأكاذيبه وافتراءاته، وسلّموا لغرائب مجعولاته وهفواته، فترى الدّاودي يذهب إلى أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يأكل من ذبائح المشركين، لكونه جاهلاً بحرمة الأكل منها، أمّا زيد فقد علم بذلك فلم يأكل!!، قال ابن حجر:
«قال الداودي: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم قبل البعث يجانب المشركين في عباداتهم، ولكنْ لم يكن يعلم ما يتعلَّق بأمر الذبائح، وكان زيد قد علم ذلك من أهل الكتاب الذين لقيهم»(1).
فكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ والعياذ بالله ـ يأكل من ذبائح أهل الكتاب عن جهل بحكمها، وقد علم بذلك أهل الكتاب، وتعلّمه منهم زيد بن عمرو، ولم يأكل… فانظر كيف يطعن في رسول الله ويحطّ عليه؟ وكيف يجوّز المؤمن الديّن في حقّ الرسول الأمين، المؤيّد بالتأييد الإلهي والمسدّد بالمدد الربّاني، أن يجهل حكماً من الأحكام الشرعيّة، ويرتكب شيئاً من المحرّمات الإلهيّة، ويدعو غيره لارتكابه؟
(1) فتح الباري ـ شرح صحيح البخاري 7: 113.