إسترابة البخاري في بعض حديث الإمام الصادق عليه السلام!!
ومن أمارات بغض البخاري لأهل بيت النبوّة وانحرافه عنهم: عدم إخراجه عن الإمام الصادق عليه السلام في كتابه، بل استرابته في بعض حديثه، والعياذبالله!!
قال ابن تيميّة في كلام له عن الإمام عليه السلام:
«فهؤلاء الأئمّة الأربعة ليس منهم من أخذ عن جعفر شيئاً من قواعد الفقه، لكنْ رووا عنه الأحاديث كما رووا عن غيره، وأحاديث غيره أضعاف أحاديثه، وليس بين حديث الزهري وحديثه نسبة، لا في القوّة ولا في الكثرة، وقد استراب البخاري في بعض حديثه لمّا بلغه عن يحيى بن سعيد القطّان فيه كلام، فلم يخرج له، ويمتنع أن يكون حفظه للحديث كحفظ من يحتجّ بهم البخاري»(1).
فانظر إلى كلام هذا الناصب العنيد، كيف يطعن في الإمام العظيم استناداً إلى القطّان والبخاري، مع أنّ علمائهم الكبار، من السّابقين واللاّحقين، يقولون بضرورة حبّ أهل البيت واحترامهم والإقتداء بهم والأخذ منهم، وحتّى أنّهم ينزّهون أهل السنّة من بغض أهل البيت، ويبرؤن ممّن اعترض عليهم أو تكلّم فيهم أو أعرض عنهم، ويجعلون نسبة هذه الاُمور إلى أهل السنّة من تعصّبات الإماميّة ضدّهم، يقول الكابلي في تعداد تعصّبات الشيعة:
«التاسع عشر: إنّ أهل السنة أفرطوا في بغض أهل البيت، ذكر ذلك ابن شهرآشوب وكثير من علمائهم، ولقَّبوهم بالنواصب، وهو كذب صرد وعصبيّة ظاهره، فإنّهم يقولون إنّ الله تعالى أوجب محبّة أهل بيت نبيّه على جميع بريّته، ولا يؤمن أحد حتّى يكون عترة النبي صلّى الله عليه وسلّم أحبّ إليه من نفسه، ويروون في ذلك أحاديث منها: ما رواه البيهقي وأبوالشيخ والديلمي: أنّه صلّى الله عليه وسلّم قال: لا يؤمن أحد حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه، ويكون عترتي أحبّ إليه من نفسه.
وأخرج الترمذي والحاكم عن ابن عبّاس رضي الله عنه أنّه صلّى الله عليه وسلّم قال: أحبّوا أهل بيتي بحبّي.
إلى غير ذلك من الأخبار.
ويقولون: من ترك المودّة في أهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد خانه، وقد قال الله تعالى: (لا تخونوا الله ورسوله)، ومن كره أهل بيته فقد كرهه صلّى الله عليه وسلّم. ولقد أجاد من أفاد:
فلا تعدل بأهل البيت خلقاً *** فأهل البيت هم أهل السعاده
فبغضهم من الإنسان خسر *** حقيقيٌّ وحبّهم عباده
ويوجبون الصّلاة عليهم في الصلوات. قال الشيخ الجليل فريدالدين أحمد بن محمّد النيسابوري رحمه الله: من آمن بمحمّد ولم يؤمن بأهل بيته فليس بمؤمن، أجمع العلماء والعرفاء على ذلك ولم ينكره أحد»(2).
أقول:
فلو كانوا صادقين في قولهم «من آمن بمحمّد ولم يؤمن بأهل بيته فليس بمؤمن» وأنّه قد «أجمع العلماء والعرفاء على ذلك ولم ينكره أحد» فما ظنّهم بالقطّان والبخاري وابن تيميّة وأمثالهم؟
وقد ذكر الشاه عبدالعزيز الدّهلوي ـ في الكلام على حديث: مثل أهل بيتي كسفينة نوح… ـ: إنّ هذا الحديث يفيد بأنّ الفلاح والهداية منوط بحبّ أهل البيت واتّباعهم، وأنّ التخلّف عن ذلك موجب للهلاك، ثمّ زعم أنّ هذا المعنى يختصُّ بأهل السنّة(3)!!
فإنْ كان صادقاً فيما يقول، فما رأيه فيمن تكلّم في الإمام أبي عبدالله الصّادق عليه السلام؟
هذا، ولا يتوهّمنّ أحدٌ أنّ تكلّم القطّان والبخاري وأتباعهما في الإمام ليس عن بغض له وعناد، وإنّما هو تحقيقٌ في العلم واحتياط في الدين، فإنّه توهّم فاسد جدّاً، فإنّه لو لم يكن ما ذكره ابن تيميّة انحرافاً وبغضاً وعناداً، فأين العناد والعداوة والبغض؟ وبماذا يكون؟ ومن المنحرف عنهم والمتعصّب ضدّهم والناصب لهم؟
وهل شدّة الإحتياط والتورّع أدّت إلى أخذ روايات عكرمة الضالّ المضلّ والناصب المقيت، وطرح أخبار الإمام الصادق وغيره من أئمّة أهل البيت؟
وكيف يقبل هذا الإعتذار للبخاري؟! وكيف يعتذر له بذلك؟ وقد أخرج عن الذهلي ـ مع ما كان بينهما من الطعن الموجب للفسق ـ ومع التدليس في اسمه، ولم يخرج عن الإمام الصادق؟!
ولو كان لمثل هذا الإعتذار مجالٌ لَما قال ابن تيميّة: «ويمتنع أنْ يكون حفظه للحديث كحفظ من يحتجّ بهم البخاري»!!
(1) منهاج السنّة 7: 533.
(2) الصواقع الموبقة ـ مخطوط.
(3) التحفة الإثني عشرية: 219.