هل يدخل ولد الزنا الجنّة ؟
رأي الإماميّة في المسألة
ذهب بعض الإماميّة إلى أنّ ولد الزنا لا يكون مؤمناً، بمعنى: أنّه يختار الكفر عن اختيار، وإنْ أظهر الإيمان في الظاهر. ولا مخالفة لهذا القول لقواعد العدل. قال في (الفصول المهمّة):
«والقول بأنّ ولد الزنا كافر وإنْ أظهر الإسلام، ليس له دليل يعتد به، وأكثر الإماميّة على خلافه. ووجه ما مرّ ممّا يوهم ذلك: إنّ خبث أصله سبب لميله إلى أفعال المعاصي غالباً باختياره، ولا يخفى أنّ تلك الأسباب لا تنتهي إلى حدّ الجبر والإلجاء قطعاً، للأدلّة العقليّة والنقليّة على امتناع الظلم على الله»(1).
فالأخبار الواردة في هذا المعنى هي في الحقيقة إخبار عن سوء حال ولد الزنا، بمعنى أنّ أكثر أولاد الزنا تصدر منهم الأفعال القبيحة والأعمال الشنيعة المانعة من الدخول في الجنّة، وهذا لا ينافي فلاح بعضهم، وقد اشتهر أنّه «ما من عام إلاّ قد خُصَّ» ولا كلام في جواز تخصيص العمومات وتقييد المطلقات، الواردة في الكتاب والسنّة…
فالأخبار المذكورة ـ بعد فهم معناها وحملها على الغالب ـ، سالمة من الإشكال.
والحمل على الغالب شائع وذائع في الأخبار، كحملهم عليه الحديث عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «أعمار اُمّتي مابين الستّين إلى السبعين»، إذ قال المناوي بشرحه:
«قال الطيبي: هذا محمول على الغالب، بدليل شهادة الحال، فإنّ منهم من لم يبلغ ستين»(2).
فما ذكره الشيخ الحرّ العاملي في تأويل أخبار ولد الزنا في (الفصول المهمّة) من الحمل على الغالب صحيح.
(1) الفصول المهمّة في أصول الأئمّة 3 : 268/ الباب الأوّل من أبواب نوادر الكليّات .
(2) فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير 2 : 11 .