و هو قول أهل اللغة منهم
وصريح كلام السجستاني في (غريب القرآن) إنّه قول أهل اللّغة، قال:
«قال أهل اللغة: الصّور جمع صورة ينفخ فيها روحها فتحيى، والذي جاء في التفسير أنّ الصور قرن ينفخ فيه إسرافيل. والله أعلم»(1).
وقال محمد بن أبي بكر الرازي في (غريب القرآن):
«الصور قرن ينفخ فيه إسرافيل: وقيل هو جمع صورة مثل بسرة وبسر، فقوله تعالى ( يوم ينفخ في الصور ) أي ينفخ في صور الموتى أرواحها، وقرأ الحسن رضي الله عنه ( يوم ينفخ في الصور ) بفتح الواو»(2).
وقال النسفي في (تفسيره):
«يوم ينفخ، ظرف لقوله: وله الملك، في الصور هو القرن بلغة اليمن، أو جمع صورة»(3).
وفي (تفسير الرازي):
«وأمّا قوله تعالى: ( يوم يُنْفَخ في الصور ) ففيه وجوه:
أحدها: إنّه شيء يشبه بالقرن، وإنّ إسرافيل عليه السلام ينفخ فيه بإذن الله تعالى، وإذا سمع النّاس ذلك الصوت ـ وهو في الشدّة بحيث لا تحتمله طبايعهم ـ يفزعون عنده ويصعقون ويموتون، وهو كقوله تعالى: ( فإذا نُقر في النّاقور ). وهذا قول الأكثرين.
وثانيها: يجوز أن يكون تمثيلاً لدعاء الموتى، فإنّ خروجهم من قبورهم كخروج الجيش عند سماع صوت الآلة.
وثالثها: إنّ الصّور جمع الصورة»(4).
وقال ابن الملقن في (شرح البخاري):
«والذي عليه المفسّرون: إنّ الصور قرن ينفخ فيه إسرافيل. قال أهل اللغة: هو جمع صورة مثل بسرة وبسر ينفخ فيها الروح نفخاً. وقرأ الحسن بفتح الواو، والصور بكسر الصاد لغة في الصور جمع صورة، وأنكره النحاس وقال: لا يعرف هذا أهل التفسير. قال: والحديث على أنّه الصور الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام».
وفيه أيضاً:
«قال القرطبي: وليس الصور جمع صورة كما زعم بعضهم أنّه ما ينفخ في صور الموتى، بدليل الأحاديث المذكورة، والتنزيل أيضاً يدلّ على ذلك، قال تعالى: ( ثُمّ نُفِخ فيه اُخرى ) ولم يقل فيها، فعلم أنّه ليس بجمع صورة. وقال الكلبي: لا أدري ما الصور، ويقال: هو جمع صورة مثل بسر وبسرة أي ينفخ في صور الموتى الأرواح. وقرأ الحسن: ( يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة )وإلى هذا ذهب أبو عبيدة معمر، وهو مردود بما ذكرناه، وأيضاً: لا ينفخ في الصور للبعث مرّتين بل ينفخ مرّة واحدة، فإسرافيل ينفخ في الصور الذي هو القرن، والله هو الذي يحيي الصور فينفخ فيها الروح كما قال تعالى ( فنفخنا فيه من روحنا )، ( ونفخت فيه من روحي ) وقد أنكر بعض أهل الزيغ أن يكون الصور قرناً. قال أبوالهيثم: من قال ذلك فهو كمن أنكر العرش والميزان وطلب لها تأويلات»(5).
(1) غريب القرآن : 245 باب الصاد المضمومة .
(2) غريب القرآن «صور» .
(3) تفسير النسفي = مدرك التنزيل 1 : 372 .
(4) تفسير الرازي 24 : 219 .
(5) شرح صحيح البخاري لابن الملقن عن تفسير القرطبي 7:20 ـ 21 والآية في سورة الأنعام : 73 .