هل يجوز التكليف بما لا يطاق ؟
وأمّا عبدالعزيز البخاري فقد قال في (كشف الأسرار):
«واعلم أنّ الأئمة قد اختلفوا في جواز التكليف بالممتنع، وهو المسمّى بتكليف ما لا يطاق; فقال أصحابنا رحمهم الله: لا يجوز ذلك عقلاً، ولهذا لم يقع شرعاً. وقالت الأشعريّة: إنّه جائز عقلاً، واختلفوا في وقوعه. والأصحّ عدم الوقوع ـ إلى أن قال ـ
وتمسّك أصحابنا بأنّ تكليف العاجز عن الفعل بالفعل يعدّ سفهاً في الشاهد، كتكليف الأعمى بالنظر، فلا يجوز نسبته إلى الحكيم جلّ جلاله. تحقيقه أنّ حكمة التكليف هو الإبتلاء عندنا، وإنّما يتحقّق ذلك فيما يفعله العبد باختياره فيثاب عليه، أو يتركه باختياره فيعاقب عليه، فإذا كان بحال لا يمكن وجود الفعل منه، كان مجبوراً على ترك الفعل، فيكون معذوراً في الإمتناع، فلا يتحقّق معنى الإبتلاء. ويعرف باقي الكلام في علم الكلام»(1).
(1) كشف الأسرار 1:191 ـ 192 .