هل لكتاب سليم راو غير أبان
لقد نسب إلى تصانيف الشيخين، ومؤلفات الحسنين، وإفادات علي بن أحمد العقيقي، وعلي بن أبي طالب القيرواني: إنّ سليماً لم يكن يظهر كتابه لأحد، حتّى إذا كان آخر عمره ويأس من الحياة، قال ابن أبي عيّاش:
«فدعاني وخلا بي وقال: يا أبان! قد جاورتك فلم أر منك إلاّ ما اُحبّ، وإنّ عندي كتباً سمعتها عن الثقات وكتبتها بيدي، فيها أحاديث لا اُحبّ أن تظهر للنّاس، لأنّ النّاس ينكرونها ويعظّمونها وهي حقّ ـ إلى أن قال ـ :
وإنّي هممت حين مرضت أن أحرقها، فتأثّمت من ذلك وفظعت به، فإن جعلت لي عهد الله وميثاقه أن لا تخبر بها أحداً ما دمت حيّاً، ولا تحدّث بشيء منها بعد موتي، إلاّ من تثق به كثقتك بنفسك، وإن حدث بك حدث أن تدفعها إلى من تثق به من شيعة عليّ بن أبي طالب ممّن له دين وحسب.
فضمنت ذلك له، فدفعها إليّ، وقرأها كلّها علَيّ، فلم يلبث سليم أن هلك.
فنظرت فيها بعده، وفظعت بها، وأعظمتها واستصعبتها، لأنّ فيها هلاك جميع اُمّة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، من المهاجرين والأنصار والتابعين، غير عليّ بن أبي طالب وأهل بيته عليهم السلام وشيعته.
فكان أوّل من لقيت ـ بعد قدومي البصرة ـ الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو يومئذ متوار من الحجّاج، والحسن يومئذ من شيعة عليّ بن أبي طالب، من مفرطيهم، نادم متلهّف على ما فاته من نصرة عليّ والقتال معه يوم الجمل، فخلوت به في شرقي دار أبي خليفة الحجّاج بن أبي غياث، فعرضتها عليه، فبكى ثمّ قال: ما في حديثه شيء إلاّ حقّ، قد سمعته من الثقات من شيعة عليّ وغيرهم»(1).
فمن مراجعة هذه الكتب يظهر انحصار رواية كتاب سليم بأبان بن أبي عياش…
(1) كتاب سليم بن قيس 2 : 558 ـ 559 . مقدّمة الكتاب .