من المنكرين لهذه المعجزة
ومع ذلك كلّه، فقد أنكر بعضهم ـ تقليداً للنواصب ـ هذا الحديث الذي يعدّ من معاجز النبوّة ومن فضائل أميرالمؤمنين عليه السلام…
ومن هؤلاء: ابن تيميّة الحراني، فقد كذّب هذا الحديث، وردّ على الحفّاظ كلامهم في تصحيحه وتحامل على الطحاوي وأمثاله من الأئمّة حتّى قال:
«وحديث ردّ الشمس له، قد ذكره طائفة كأبي جعفر الطحاوي والقاضي عياض وغيرهما، وعدّوا ذلك من معجزات النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ولكنْ المحقّقون من أهل المعرفة بالحديث يعلمون أنّ هذا الحديث كذب موضوع»(1).
فانظر كيف يكذّب الحديث ويطعن في الأئمّة المصحّحين له…
ومن هؤلاء: ابن الجوزي، إذ أورده في (الموضوعات) وقال:
«هذا حديث موضوع بلا شك».
ثمّ جعل ـ بعد كلام له ـ يعترض على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ويقول:
«قال المصنّف: ومن تغفيل واضع هذا الحديث أنّه نظر إلى صورة فضله ولم يلمح عدم الفائدة فيها، فإنّ صلاة العصر بغيبوبة الشمس صارت قضاء، فرجوع الشمس لا يعيدها أداء»(2).
وأضاف في باطله في (تلبيس إبليس) وزاد بأنْ قال:
«وغلوّ الرافضة في حبّ علي ـ رضي الله عنه ـ حملهم على أنْ وضعوا أحاديث كثيرة في فضائله، أكثرها يشينه ويؤذيه، وقد ذكرت منها جملةً في كتاب الموضوعات، منها: إنّ الشمس غابت ففاتت عليّاً رضي الله عنه العصر، فردّت له الشمس. وهذا من حيث النقل موضوع محال لم يروه ثقة، ومن حيث المعنى فإنّ الوقت قد فات وعودها طلوع مجدّد، فلا يرد الوقت»(3).
فانظر كيف يبالغون في إنكار المعاجز والفضائل ويحاولون طمس الحقائق، ولا وازع لهم في هذا السبيل عن تكذيب النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ونسبة العبث واللغو إليه، إلاّ أنّه ليس بغريب ممّن يجوّز على الله صدور القبائح العظام… تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.
ومن هؤلاء: الأعور الواسطي، فإنّه كذّب الحديث وجعله من رواية الإماميّة إذ قال: «ومنها دعواهم ردّ الشمس لعلي، وهو مكذوب لم يأت إلاّ بنقلهم وهم أخصام لا يقوم مجرّد نقلهم على الخصم حجة»(4).
فانظر إلى هذا الناصبي الذي زاد على سلفه ـ ابن تيميّة ـ في البغض والحقد والعناد، فإنّ ذاك يعترف بتصحيح الطحاوي وغيره من أئمّة السنيّة، وهذا يدّعي أنّه من رواية الشيعة فحسب، مع أنّ من رواته: ابن شاهين وابن مردويه وابن مندة كما في (المقاصد الحسنة)(5) وغيرها، وقد رواه الطبراني بطرق متعدّدة، والخطيب والدولابي وابن أبي شيبة كما في (كشف اللبس). وقد ألّف فيه غير واحد من الأعلام كما عرفت، كأبي الحسن شاذان الفضلي والسيوطي والحسكاني، وقد جزم به الإمام القرطاجني كما في (تنزيه الشريعة)(6).
بل لقد كذّب الأعور سلفه المعترف برواية الطحاوي والقاضي عياض وغيرهما له، وكذّب أحمد بن صالح الذي قال: «لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلّف عن حديث أسماء» وكذَّب غير هؤلاء من الأئمّة الأعلام من أهل السنّة…
فهذا حال هؤلاء القوم، وهذه مواقفهم من معاجز النبيّ ومناقب الوصي، عليهما وآلهما الصلاة والسلام…
(1) منهاج السنة 4 : 288 ـ 289 .
(2) كتاب الموضوعات 1 : 355 ـ 357 .
(3) تلبيس إبليس : 114 .
(4) رسالة الأعور في الردّ على الرافضة ـ مخطوط .
(5) المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة : 270/519 .
(6) تنزيه الشريعة الغرّاء 1:379 .