معالم الفرقة النّاجية
وكان على كلّ باحث ـ إذا ما أراد أن يعرف الفرقة الحقّة الناجية ـ أنْ يعرض معالم الدين عند الفرق على الكتاب والسنّة، لأنّهما المصدران الأصليّان والأساسيّان في جميع الشئون الدينيّة والمعارف الإسلاميّة، فما وافقهما أو كان مستنبطاً منهما اُخذ به، وما لم يكن كذلك طرح وترك، إذ ما من شيء إلاّ وبه كتاب أو سنّة:
روى الشيخ الكليني بإسناده عن حمّاد عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول: «ما من شيء إلاّ وفيه كتاب أو سنّة».
وعن عمر بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «سمعته يقول: إنّ الله تبارك وتعالى لم يدع شيئاً يحتاج إليه الاُمّة إلاّ أنزله في كتابه وبيّنه لرسوله صلّى الله عليه وآله، وجعل لكلّ شيء حدّاً وجعل عليه دليلاً يدلّ عليه، وجعل على من تعدّى ذلك الحدّ حدّاً».
وعن المعلّى بن خنيس قال: قال أبو عبدالله عليه السلام: «ما من أمر يختلف فيه اثنان إلاّ وله أصلٌ في كتاب الله عزّ وجلّ، ولكنْ لا تبلغه عقول الرجال».
وعن سماعة عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: «قلت له: أكلّ شيء في كتاب الله وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وآله أو تقولون فيه؟ قال: بل كلّ شيء في كتاب الله وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وآله».
وعن إسماعيل بن جابر عن أبي عبدالله عليه السلام: «كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وفصل ما بينكم، ونحن نعلمه»(1).
وإذا كان أئمّة أهل البيت عليهم السلام يؤكّدون ـ كما في الأخبار الكثيرة الواردة عنهم ـ على ضرورة الرجوع إليهم في كلّ الاُمور والأخذ منهم والتمسّك بهم… فإنّ ذلك ما أوصى به رسول الله الصّادق الأمين في الأحاديث الثابتة عنه المرويّة في كتب جميع الفرق.
ومن أشهر تلك الأحاديث قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم:
«كأنّي قد دعيت فأجبت، وإنّي قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله تعالى وعترتي…»(2).
(1) راجع : الكافي 1/59 باب الرد إلى كتاب الله والسنّة …
(2) المستدرك على الصحيحين 3/109 . وهذا هو الحديث المعروف بحديث الثقلين ، أخرجه المحدّثون والمفسّرون والمؤرّخون وسائر العلماء في مختلف الكتب وبألفاظ مختلفة ، فراجع: مسند أحمد 5/181 و3/26 وغيرهما ، والمصنَّف لابن أبي شيبة 10/505 ، صحيح الترمذي 5/663 ، جامع الاُصول 1/278 ، الطبقات الكبرى 1/194 ، المعجم الكبير 3/62 ، مصابيح السنّة 4/190 ، كتاب السنّة لابن أبي عاصم : 336 ، مجمع الزوائد 9/165 ، فيض القدير في شرح الجامع الصغير 3/14 ، الصواعق المحرقة : 233 وغيرها من كتب المتقدّمين والمتأخّرين من أهل السنّة . ومن شاء التفصيل فليرجع إلى كتاب (نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار) الأجزاء 1 ـ 3 .