استقصاء الإفحام للسيّد حامد حسين
وهذا الكتاب عنوانه الكامل (استقصاء الإفحام واستيفاء الإنتقام في نقض منتهى الكلام).
وكأنّ المؤلّف قد وضع عليه هذا الاسم ليشير إلى أنّ للبحث فيه جهتين، وأنّ له من تأليفه غرضين:
أحدهما: دفع الشبه والإعتراضات عن جملة من العقائد، وردّ التُّهم عن بعض الأعلام، والتكلّم على بعض الكتب المعروفة عند الإماميّة.
وعنوان (استقصاء الإفحام) ناظر إلى هذه الجهة.
والثاني: التحقيق عن موقع العلوم الإسلاميّة من علم العقائد والتفسير والحديث والفقه وعن حال مؤسّسيها، عند أهل السنّة، وبيان حال علمائهم وأشهر كتبهم المعتمدة في هذه العلوم.
وعنوان (استيفاء الإنتقام) ناظر إلى هذه الجهة.
وبتعبير آخر، فإنّ هذا الكتاب قد اُلّف نقضاً لكتاب (منتهى الكلام) في كلامسلكيه، الجوابي والإنقلابي، حسب تعبير الفيض آبادي.
إلاّ أنّ مؤلّفه العلاّمة الفذ الأجلّ، قد قدّم المسلك الثاني على الأوّل، وقد ذكر السبب في ذلك بقوله:
«وقد كنت كتبت من النقض على مقامات شتّى من المسلك الأوّل لهذا الكتاب، ما فيه نفع لأوام اُولي الألباب وشفاء للأسقام والأوصاب، وغنية بإظهار الصواب ونضو الحجاب، وكنت لإتمامه وإنجازه صامداً ولتبييضه وإبرازه قاصداً.
ولكنْ ألفيت رغبات الناس إلى تقديم المسلك الثاني وافرة، وهممهم عن الصبر والإنتظار قاصرة، وأيضاً: وجدت صاحب الكتاب ومن اقتصّ أثره وحذا حذوه، يستصعبون نقض هذا المسلك غاية الإستصعاب، ويزعمونه ويحسبونه بالخصوم ممتنع الجواب، ويعدّون اجتياح جذمه من أنكر الأشياء وأعجب العجاب.
فخفت على نفسي محاجزات الدهر الكنود، ورابئت عوائق الزمن العنود، وأشفقت أنْ لا أبلغ إلى حمادى المقصود، ويحال بيني وبين الإتيان عليه كملاً واُردع عمّا أرود، فيكون ذلك تصديقاً لظنونهم الخاسرة وتأييداً لما يلعج في صدورهم الواغرة.
فأشحت بوجهي عن التوجّه إلى المسلك الأوّل لعناني ثانياً، وقمت ـ بعون الله ـ لنقض المسلك الثاني نصرةً لدينه غير متعتع ولا وانياً، ثمّ إذا وفّق الله لاستيعاب جواب هذا المسلك وإتمامه وإبراز أثماره من أكمامه، سأنثني ـ إنْ شاء الله ـ إلى إتمام نقض المسلك الأوّل وهدم جدرانه، ورضّ أركانه وهصر فنونه وأغصانه، وعضب عروقه وأفنانه.
وإنْ حيل بيني وبين هذا المراد، واقتطعت عن هذه البغية وضربت دونها الأسداد، فليستدل الناظر بما في هذا المسلك الآخر من غرائب البوادر على حقيقة ما في الأوّل من الوهن الظاهر، فإنّ الغرفة تنبئ عن الغدير والقزير يدلّ على الغزير وأثر القدم على المسير، فكيف لا يدلّ هذا التحرير والتقرير الكثير على سقوط ما في المسلك الأوّل من إفادات المخاطب النحرير؟»
Menu