أباطيل الأعور الواسطي
بل الأعجب من ذلك ردّ بعضهم على الإماميّة تشنيعهم على أهل السنّة وإعابتهم القول بذلك…!!
ألا ترى كيف يدافع الأعور الواسطي عن هذه المقالة الفاسدة والزعم الباطل، ويردّ على أهل الحق قائلاً:
«ومنها: إعابتهم قول أهل السنّة بكفر أبوي النبي. وذلك حقّ لا إعابة على أهل السنّة، لوجوه:
الأوّل: إنّ نصّ القرآن والأحاديث والتواريخ عن مجموع الكفّار من قريش، مثل أبي لهب عمّ النبي وأبي جهل، ومن أسلم منهم مثل أبي سفيان وغيرهم: أنّ محمّداً سفّه ما كان آباؤنا عليه من عبادة الأصنام، ونحن لا نرغب عن ملّة عبدالمطّلب.
الثاني: إنّ الله يقول لمن عرف الإسلام به ( ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ) فمن أين جاء الإيمان لأبويه.
الثالث: إنّ الرافضة يزعمون إنّ عليّاً رضي الله عنه رمى أصنام قريش عن الكعبة، وعبدالمطّلب وعبدالله من رؤوسهم، فأيّ شيء أخبرهم عن عدم عبادتهما؟
قالوا: نقل من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام الطاهرة.
قلنا: معناه لم يكن سفاح بل عن عقود وأنكحة.
قالوا: كيف يمكن خروج نبيّ من كافر؟
قلنا: كثير من الأنبياء، كخروج إبراهيم عليه السلام من آزر.
قالوا: عمّه أو خاله؟
قلنا: يكذب ذلك أنّ الله تعالى سمّاه أباً بقوله: ( إذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتّخذ أصناماً ) ويقول إبراهيم لآزر: يا أبتِ، مراراً كثيرة. وأيضاً: العم ابن الجد لأب والخال ابن الجد لاُم، وحينئذ فيكون جدّه كافراً، ولا ينتفع الرافضة بشيء من هذه الدعوى، ودليل كفره شهادة ابنه عليه كقوله تعالى: ( وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه ما تعبدون قالوا نعبد أصناماً فنظلُّ لها عاكفين قال هل يسمعونكم إذْ تدعون أو ينفعونكم أو يضرّون قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون ) وكقوله تعالى: ( ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين )»(1).
أقول :
إنّها خرافات ركيكة وهفوات سخيفة:
فأمّا ما ذكره في الوجه الأوّل، فلا دليل عليه في القرآن والحديث، ولو فرض أنّ مجموع الكفّار قالوا كذلك، فأيّ اعتبار بقول الكفّار؟
وأمّا ما ذكره في الوجه الثاني، فليس إلاّ وساوس ظلمانيّة وتلبيسات شيطانيّة، ومحصّلها الكفر والزندقة والإلحاد.
وأمّا ما ذكره في الوجه الثالث، ففي غاية الضعف ولا محصَّل له، وأيّ ارتباط لمقصوده بقضيّة كسر الأصنام التي رواها ابن أبي شيبة وأبو يعلى وأحمد والطبري والحاكم والخطيب والنسائي وأمثالهم من الأعلام(2).
وهل رئاسة عبدالمطلب وعبدالله لقريش تستلزم عبادة الأصنام؟
إنّه لا يقول بذلك إلاّ الجهلة الأغثام والسفهاء اللئام!
كيف لا؟ وقد قال السيوطي في (طراز العمامة في الفرق بين العمامة والقمامة) في بيان المسالك التي سلكها في إثبات إسلام أبوي النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم:
«الثالث: إنّهما كانا على دين إبراهام، ما عبدا قطّ في عمرهما الأصنام، وأحاديث هذا المسلك قويّة السند، كثيرة العدد، عظيمة المدد، لا يقوم لردّها أحد».
وأمّا ما ذكره عن إبراهيم عليه السلام، فبطلانه يتّضح بمراجعة (رسائل السيوطي) و(المنح المكيّة) لابن حجر المكي، وأمثالهما.
وبالجملة، فإنّ القائلين منهم بهذا القول الباطل والرأي الفاسد كثيرون، ولنذكر كلمات بعضهم:
(1) رسالة الأعور الواسطي في الرد على الرافضة ـ مخطوط .
(2) كنز العمال للمتقي الهندي ، عن ابن أبي شيبة وأبي يعلى وابن جرير ، مسند أحمد 1 : 84 ، خصائص علي : 225 الحديث 122 ، المستدرك 2 : 366 و3 : 5 .