هل حجيّة القطع من الأحكام العقليّة أو المجعولات العقلائية ؟
وقد وقع البحث في أنّ حجيّة القطع من المجعولات العقلائيّة ، أي من أحكام العقل العملي ، أو من الأحكام العقلية النظريّة غير القابلة للسّلب عن القطع ؟
ذهب المحقق الإصفهاني ـ تبعاً للفلاسفة ـ إلى أنّ قضيّة الحسن والقبح من القضايا المشهورة ، أي القضايا التي لا يقام البرهان عليها ، فهي اعتبارات عقلائيّة من أجل حفظ النظام ، وحجيّة القطع من هذا القبيل ، فقد تطابقت عليها آراء العقلاء .
لكنّ المشكلة هي : أن حجيّة القطع ـ أي صحّة العقاب على مخالفة المولى الحقيقي ـ موجودة ، سواء كانت المخالفة مستلزمة لاختلال النظام أو لا ، بل حتى لولم يكن نظام في العالم ، لا يجوز مخالفة أحكام المولى الحقيقي ، وهي موجبة لاستحقاق العقاب .
وإذا لم يكن في حجية القطع ملاك القضايا المشهورة ، فهل هي حكم عقلي أو أنها من لوازمه العقلية ؟ الصحيح هو الثاني ، لِما تقدم من أن العقل مدرك وليس بحاكم .
وعلى الجملة ، فإن الحجيّة هي المنجزية ، ووجوب الحركة على طبق القطع واستحقاق العقاب على المخالفة ، من لوازم القطع بحكم المولى الحقيقي ، وهذا اللّزوم عقلي لا اعتباري ، وعليه ، فجعل الحجيّة للقطع جعلٌ للوازم الشيء للشيء ، وهو غير معقول ، نعم ، تجعل اللّوازم بجعل الشيء بالجعل البسيط ، فكما لا يمكن أن يجعل الجسم متشكّلاً أو متحيّزاً ، لا يمكن أن يجعل القطع حجّةً ، بل متى تحقق القطع كان لازمه الحجيّة .
Menu