كلام الشهيد الأوّل
هذا ، والأصل في كلام الشيخ هو ما ذكره الشهيد رحمه اللّه في قواعده حيث قال ما نصّه :
لا تؤثّر نيّة المعصية عقاباً ولا ذمّاً ما لم يتلبّس بها ، وهو ما ثبت في الأخبار العفو عنه ، ولو نوى المعصية وتلبّس بما يراه معصية فظهر بخلافها، ففي تأثير هذه النيّة نظر :
من أنها لمّا لم تصادف المعصيّ فيه ، صارت كنيّة مجرّدة ، وهو غير مؤاخذ بها .
ومن دلالتها على انتهاك الحرمة وجرأته على المعاصي .
وقد ذكر بعض الأصحاب : إنه لو شرب المباح متشبّهاً بشارب المسكر ، فعل حراماً .
ولعلّه ليس بمجرّد النيّة بل بانضمام فعل الجوارح إليها .
ويتصوّر محلّ النظر في صور :
منها : لو وجد امرأةً في منزل غيره فظنّها أجنبيّة فأصابها ، فظهرت أنها زوجته أو أمته .
ومنها : لو وطئ زوجته لظنّها حائضاً ، فبانت طاهراً .
ومنها : لو هجم على طعام بيد غيره وأكل منه ، فتبيّن أنه ملك الآكل .
منها : لو ذبح شاةً يظنّها للغير بقصد العدوان ، فظهرت ملكه .
ومنها : ما إذا قتل نفساً بظنّها معصومة ، فبانت مهدرة .
وقد قال بعض العامّة : يحكم بفسق متعاطي ذلك ، لدلالته على عدم المبالات بالمعاصي ، ويعاقب في الآخرة ـ ما لم يتب ـ عقاباً متوسّطاً بين عقاب الكبيرة والصغيرة .
وكلاهما تحكّم وتخرّص على الغيب(1) .
وحاصل كلامه عدم ترتّب الفسق وعدم استحقاق العقاب .
(1) القواعد والفوائد: 44 ـ 45 . الفائدة 20 .