كلامٌ للسيد البروجردي و مناقشته
وذكر السيّد البروجردي(1) : أن ما ذكر ـ من عدم إمكان جعل المرخّص في الأطراف ـ تامٌ في موارد قيام العلم الإجمالي كما تقدّم ، وأمّا إنْ كان القائم على الموضوع أو التكليف هو الحجة الشرعيّة غير العلم فلا . مثلاً : لو قامت البيّنة على نجاسة أحد الإناءين ، فالشبهة موضوعيّة والحجة هي البيّنة ، أو كانت الشبهة حكمية ، كأنْ يقوم خبر الواحد على الوجوب المردّد بين الظهر والجمعة ، فإنه يحتمل كذب البيّنة واشتباه المخبر ، وحينئذ ، يمكن جعل الأصل المرخّص ، لإمكان رجحان مصلحة الترخيص على مصلحة العمل بالحجة . فظهر الفرق بين العلم والحجّة .
وفيه :
إن جعل المرخّص في الأطراف معلّق ـ بحكم العقل ـ على أنْ لا يكون ترخيصاً في القبيح ، ولزوم الترخيص في القبيح الممنوع عقلاً حاصل في موارد قيام الحجّة كموارد العلم الإجمالي بلا فرق .
لقد تقدّم أنّ العقل يحكم بحرمة المخالفة القطعيّة لتكليف المولى من باب أنّ مخالفته هتك له ، وحكمه بحرمة هتكه تنجيزي يمنع من جعل الترخيص ، وحكمه بذلك ليس من جهة قيام العلم بما هو علم ، بل لأن العلم أحد مصاديق الحجّة ، فالملاك عند العقل هو قيام البيان على التكليف الشرعي ، فإذا قام بأيّ حجة من الحجج لم يجز الخلاف لأنه هتك له ، فلا يجوز جعل المرخّص .
وهذا تمام الكلام في مرحلة ثبوت التكليف بالعلم الإجمالي وحرمة مخالفته .
(1) حاشية الكفاية 2 / 39 .