طريق الشيخ
قد ذكر الشيخ رحمه اللّه الإشكال بقوله :
إذا فرضنا الشيء في الواقع واجباً وقامت أمارة على تحريمه ، فإن لم يحرم ذلك الفعل ، لم يجب العمل بالأمارة ، وإنْ حرم ، فإنْ بقي الوجوب لزم اجتماع الحكمين المتضادّين ، وإنْ انتفى ثبت انتفاء الحكم الواقعي .
ثم أجاب عن ذلك قائلاً :
أنّ المراد بالحكم الواقعيّ الذي يلزم بقاؤه ، هو الحكم المتعيّن المتعلّق بالعباد الذي يحكي عنه الأمارة ويتعلّق به العلمُ أو الظنّ واُمر السفراء بتبليغه ، وإن لم يلزم امتثاله فعلاً في حقّ من قامت عنده أمارةٌ على خلافه ، إلاّ أنّه يكفي في كونه حكمه الواقعي : أنّه لا يعذر فيه إذا كان عالماً به أو جاهلاً مقصّراً ، والرخصة في تركه عقلاً كما في الجاهل القاصر ، أو شرعاً كمن قامت عنده أمارةٌ معتبرة على خلافه .
وممّا ذكرنا يظهر حال الأمارة على الموضوعات الخارجيّة ; فإنّها من هذا القسم الثالث .
والحاصل : أنّ المراد بالحكم الواقعي ، هي : مدلولات الخطابات الواقعيّة الغير المقيّدة بعلم المكلّفين ولا بعدم قيام الأمارة على خلافها ، ولها آثارٌ عقليّة وشرعيّة تترتّب عليها عند العلم بها أو قيام أمارة حكم الشارع بوجوب البناء عل يكون مؤدّاها هو الواقع ، نعم هذه ليست أحكاماً فعليّة بمجرّد وجودها الواقعي .
وتلخّص من جميع ما ذكرنا : أنّ ما ذكره ابنُ قبة ـ من استحالة التعبّد بخبر الواحد أو بمطلق الأمارة الغير العلميّة ـ ممنوع على إطلاقه ، وإنّما يقبح إذا ورد التعبّد على بعض الوجوه ، كما تقدّم تفصيل ذلك(1) .
(1) فرائد الاصول 1 / 122 ـ 123 .