دفاع السيد الخوئي عن رأي الإصفهاني
ووجه القول الثاني ما ذكره السيّد الخوئي ، إذ قال :
أمّا على المبنى المختار من أنه ليس للحكم إلاّ مرتبتان ، الاولى : مرتبة الفعل … والثانية مرتبة الفعليّة … فلا يمكن أخذ القطع بمرتبة الجعل من حكم في مرتبة الفعلي منه ، إذ ليس المراد من القطع المأخوذ في مرتبة الفعليّة من الحكم هو القطع بالحكم الثابت لغير القاطع ، وإلاّ فإمكانه بمكان من الوضوح بلا حاجة إلى فرض تعدّد المرتبة ، لصحّة ذلك ولو مع وحدة المرتبة ، كما لو فرض أنّ القطع بوجوب الحج على زيد قد اُخذ في موضوع وجوبه على عمرو ، بل المراد هو القطع بالحكم الثابت لنفس القاطع ، وحينئذ ، لا يمكن أخذ القطع بمرتبة الجعل من حكم في موضوع مرتبة الفعلي منه ، إذ ثبوت الحكم لشخص القاطع جعلاً ملازم لفعليّة ، فلا محالة يتعلّق القطع بالحكم الفعلي ، وحيث أن المفروض دخل القطع في فعلية الحكم ، لزم الدور(1) .
توضيحه على المثال المذكور وهو الحج :
إن شمول خطاب وجوب الحج ـ المنشأ بالآية المباركة ومعناه : كلّ من وجد واتّصف بالاستطاعة فالحج واجب عليه ـ لهذا المكلّف ، موقوفٌ على حصول الاستطاعة له خارجاً ، وإلاّ فليس حكماً مجعولاً له ، وإذا تحقّقت الاستطاعة ، فالحكم في حقّه فعلي ، فلو أنّ القطع بالحكم المجعول قد اُخذ في مرتبة الفعليّة ، فلا ثبوت للحكم وجَعله بالنسبة إليه إلاّ بعد القطع ، لكن حصول القطع موقوف على ثبوته له جعلاً ، لأنّ القطع طريق إلى الحكم ، فلابدّ في تعلّقه به من تحقق الحكم وثبوته في المرتبة السّابقة . وهذا هو الدور .
(1) مصباح الاصول 2 / 46 ـ 47 .