حكم الإحتياط بناءً على الإنسداد
الثاني : إنه إذا كفى الامتثال العملي الإجمالي عن الامتثال العلمي التفصيلي مع التمكن منه ، فهو يكفي عن الامتثال الظني التفصيلي بالأولويّة ـ القطعيّة ـ ، فلو قام خبر الواحد على شيء ، فلا مانع من الاحتياط في مورده .
إنما الكلام في الظن المطلق بناءً على الإنسداد ، ويختلف الأمر على الخلاف في نتيجة المقدمات من حيث الكشف والحكومة .
إن مقدّمات الانسداد هي : أنّا نعلم بأن في الشريعة أحكاماً مطلوبةً منّا لسنا مهملين تجاهها . لكنّ طريق العلم بها وكذا طريق العلمي ـ أي الظن الخاصّ ـ منسدٌ ، والرجوع إلى الأصل النافي للحكم باطلٌ ، وكذا الرجوع إلى الفقيه القائل بالانفتاح ، وكذا الرجوع إلى القرعة للكشف عن الأحكام الشرعية ، لأنها إنما تجري في الشبهات الموضوعية ، فلا يبقى طريق إلا « الإحتياط » . فقيل : بعدم جواز العمل بالاحتياط ، وتكون النتيجة « الكشف » . وقيل : بعدم وجوب الإحتياط وتكون النتيجة « الحكومة » .
توضيحه : إنّه على القول باعتبار قصد الوجه في العبادات ، فإن الاحتياط غير جائز ، وحينئذ ، يكشف عن حكم الشارع بحجية الظن المطلق ، وإلاّ يلزم العمل بالاحتمال والوهم ، وهو مرجوح بالنسبة إلى الظن ، وترجيح المرجوح قبيح .
إذنْ ، يُعمل بالظن المطلق ، والاحتياط باطل .
وأمّا على القول بعدم اعتبار قصد الوجه ، فالاحتياط جائز لكنْ غير واجب ، نعم ، إن استلزم اختلال النظم أو العسر والحرج ، فغير جائز ، لكنّ عدم الجواز ـ هذا ـ حكم عرضي ثانوي … فهنا يقول العقل بالاحتياط من باب أنّ الضرورات تتقدّر بقدرها ، ومقتضى ذلك هو الأخذ بالمظنونات وترك الموهومات .
Menu