ثمرة البحث و وجه الحاجة إليه
نحتاج إلى هذا البحث من جهتين :
جهة فقهيّة ، وهي وجوب وعدم وجوب الموافقة الإلتزاميّة ، وحرمة وعدم حرمة المخالفة الإلتزاميّة .
وجهة اصوليّة ، وهي : أنه على القول بوجوبها ، لا مجال لإجراء الاصول العمليّة . مثلاً : لو دار الأمر بين المحذورين ، فهل تجري الاصول العمليّة ؟ فيه خمسة أقوال ، أحدها : جريان أصالة البراءة عن الوجوب والحرمة معاً ، فبناءً على وجوب الموافقة الإلتزاميّة ، لا يمكن جريان الأصل في الطرفين ، ويسقط هذا القول في تلك المسألة .
وقال المحقق الإصفهاني(1) : إنه بناءً على وجوب الموافقة الإلتزاميّة ، لابدّ من القول بها في التعبديّات والتوصليّات معاً ، ولكنْ بالنظر إلى المانعيّة عن جريان الاصول ، فلا مورد للبحث في التعبديّات ، إذ مع عدم الموافقة الإلتزاميّة يزول قصد القربة ، لأنْ قصد القربة غير الموافقة الإلتزاميّة كما تقدّم ، لكنّهما في التعبديّات متلازمان .
والحاصل : أنه بين التعبديّات والتوصليّات من جهة المانعيّة عن جريان الاصول فرق ، فإذا دار الأمر بين المحذورين في الواقعة الواحدة وكانا توصّليين ، حصلت المخالفة الإلتزاميّة ، وأمّا العمليّة فلا ، لأنه إمّا فاعل وإمّا تارك . أمّا في التعبديّات ، فتحصل المخالفة العمليّة أيضاً ، فإنه يمكن الإتيان بالعمل بدون قصد القربة ، فإن كان واجباً لم يمتثل وإن كان حراماً فقد خولف بالإتيان … فهذا الفرق بين القسمين ـ التوصليّات والتعبديّات ـ موجود بلا إشكال .
(1) نهاية الدراية 3 / 78 .