تنبيهان
وهنا يلزم التنبيه على أمرين :
أحدهما : قد يرد الإشكال على القول بالطريقيّة الذاتية للقطع ـ سواء القول بأنها عين الذات أو ملازمة لها ـ بأنه يستلزم إصابة الواقع دائماً ولا يكون هناك تخلّف عن الواقع ، والحال أنه ليس كذلك ، بل القطع يحصل للجاهل بالجهل المركّب .
والجواب :
إن المراد من كون القطع عين الكشف عن الواقع هو انكشاف المعلوم بالذات ، لا انكشاف المعلوم بالعرض الذي يقبل التخلّف عن الواقع ولا يعقل أن يكون عين الذات . فالكشف في قولهم : الكشف عين ذات القطع ، هو حضور المعلوم بالذات المشترك بين علم المصيب والمخطئ ، والموجود في الجهل المركّب أيضاً .
وبعبارة أخرى : إن الطريقيّة شيء والإصابة شيء آخر ، ولا ينبغي الخلط بينهما ، ومرادهم من الكاشفية هي الإرائة ، وإرائة الواقع موجودة في الظنّ أيضاً ، إلاّ أنّها إرائة ناقصة بمعنى وجود احتمال الخلاف ، بخلاف القطع حيث لا وجود لاحتمال الخلاف معه ، فالذي يراه القاطع هو رؤية عقلية للواقع كما يرى البصير الواقع بالرؤية الحسيّة ، فهي إرائة ورؤية ، أمّا المطابقة للواقع فهي أمر آخر خارج عن ذات الرؤية وحقيقتها .
الأمر الثاني : لا يخفى أنّ مورد البحث هو الطريقيّة والكاشفيّة التكوينيّة للقطع ، لا الكشف الجعلي الاعتباري ، فالطريقيّة قد تكون اعتباريّة كما في خبر الثقة حيث يُجعل له الطريقيّة والكاشفيّة عن الواقع ، وقد تكون ذاتية تكوينيّة ، وهي التي في القطع ، وجعل الطريقيّة للقطع ممكن إلاّ أنه لغو ، لكونه كاشفاً وطريقاً إلى الواقع تكويناً .
هذا بالنسبة إلى الطريقيّة والكاشفيّة .
Menu