تقريب الميرزا النائيني
وقال الميرزا في تقريبه ما نصّه :
وأمّا توهّم المحذور من ناحية الملاك ، فغاية ما يمكن أن يقال في تقريبه هو : أنّ الأحكام الشرعيّة لا محالة تكون تابعةً لملاكاتها ، نظير تبعيّة المعاليل لعِلَلها على ما أوضحنا الحال في ذلك سابقاً ، وحيث إنّ الأمارة غير العلميّة ربما تكون مصيبةً واُخرى مخطئةً ، فإذا قامت على حكم غير إلزاميّ وفرضنا كون الحكم الواقعي إلزاميّاً وجوبيّاً كان أو تحريميّاً ، فيلزم من التعبّد بها وجَعْلها حجّةً تفويتُ الملاك الواقعي الملزم ; إذ لو لم يكن مُلزماً لما أمكن استتباعه لحكم إلزاميّ ، كما هو واضح ، ومع فرض كونه مُلزماً ، كيف يمكن للشارع تفويته بجَعْل أمارة على خلافه!؟
وبالجملة ، فرض جَعْل الأمارة حجّةً مع فرض كون الحكم الواقعي إلزاميّاً ناشئاً عن ملاك ملزم ، نقضٌ للغرض ، وهو قبيح بالضرورة ، وإلى هذا يشير ما نُقل عن الخصم من أنّ التعبّد بالأمارة غير العلميّة مستلزم لتحليل الحرام وهو قبيح ، كما أنّ الأمارة إذا قامت على حكم إلزاميّ وجوبيّ أو تحريمي وفرضنا الحكم الواقعي غير إلزاميّ ، يلزم من التعبّد بها وإيجاب العمل على طبقها ، كون الحكم الإلزاميّ من دون ملاك يقتضيه ; إذ المفروض أنّ الفعل الذي أدّى الأمارة إلى وجوبه أو تحريمه عار عن الملاك المُلزم ، فجَعْل الحكم الإلزامي له بجَعْل الأمارة حجّةً ، يستلزم عدم تبعيّة الأحكام للمصالح أو المفاسد ، وهذا غير معقول ، كما عرفت ، وإليه يشير ما نُقل عنه من أنّ التعبّد بالأمارة غير العلميّة مستلزم لتحريم الحلال وهو قبيح .
والحاصل : أنّ الأمارة إذا كانت مخالفةً للحكم الواقعي ، يلزم من جَعْلها حجّةً يجب العمل على طبقها ، إمّا كونُ الحكم الإلزامي مجعولاً من دون ملاك ، وإمّا تفويت الملاك الملزم ، وكلاهما قبيح(1) .
(1) أجود التقريرات 3 / 110 ـ 111 .