بقيّة كلام الشيخ و النظر فيه
ثم إنّ الشيخ أورد أدلّة القول بالاستحقاق .
فذكر الإجماع ، ثم قال : ويؤيّده بناء العقلاء وحكم العقل بقبح التجري .
قال : وقد يقرّر دلالة العقل على ذلك : بأنا إذا فرضنا شخصين قاطعين ، بأنْ قطع أحدهما بكون مائع معين خمراً ، وقطع الآخر بكون مائع آخر خمراً ، فشرباها ، فاتفق مصادفة أحدهما للواقع ومخالفة الآخر ، فإمّا أن يستحقّا العقاب أو لا يستحقّه أحدهما أو يستحقّه من صادف قطعه الواقع دون الآخر أو العكس … .
ثم قال : ويمكن الخدشة في الكلّ .
أمّا الإجماع ، فالمحصّل منه غير حاصل ، والمسألة عقليّة ، خصوصاً مع مخالفة غير واحد كما عرفت من النهاية ، وستعرف من قواعد الشهيد ، والمنقول منه ليس بحجّة في المقام .
أقول :
الإشكال على الإجماع المدّعى من جهة الكبرى أو الصغرى ، له مجال ، لكن قوله « والمسألة عقليّة » غير تام ، لأنّ معقد الإجماع هو « المعصية » ، فقد تقدّم قوله : « كما يظهر من دعوى جماعة الإجماع على أنّ ظانّ ضيق الوقت إذا أخّر الصّلاة عصى وإنْ انكشف بقاء الوقت … » والمعصية وعدمها حكم شرعي لا عقلي … .
قال :
وأمّا بناءً العقلاء ، فلو سلّم ، فإنّما هو على مذمّة الشخص من حيث أن هذا الفعل يكشف عن وجود صفة الشقاوة فيه ، لا على نفس فعله ، كمن انكشف لهم من حاله أنه بحيث لو قدر على قتل سيّده لقتله ، فإنّ المذمّة على المنكشف لا الكاشف .
قال : ومن هنا يظهر الجواب عن قبح التجري … .
أقول :
لقد نزّل الشيخ حكم العقل وبناء العقلاء على اللّوم والمذمّة ، لخبث الباطن والسريرة ، إلاّ أنه لا شك عقلاً وعقلاءً في صدق عنوان « الهتك » على هذا الفعل ، وهتك المولى قبيح بلا ريب ، لأنه ظلم كما لا يخفى .
وهذا محصّل الكلام على مسلك الشيخ الأعظم في مسألة استحقاق المتجرّي للعقاب ، وقد ظهر أنه لا يمكن المساعدة عليه .
Menu