النظر في الاشكالات المطروحة في كلام الشيخ
أمّا السيرة العقلائية ، فهي بناءً على تماميّتها هنا دليل لبّي ، والقدر المتيقّن منها أنْ يكثر التكرار بحيث يخرج العمل عن العقلائيّة … فليس مطلق التكرار على خلاف سيرة العقلاء .
وأمّا سيرة المتشرّعة ، فكذلك ، لأنّهم يستنكرون التكرار الكثير ، أمّا استنكارهم مطلق التكرار فأوّل الكلام . هذا أوّلاً . وثانياً : إن سيرة المتشرعة هي الإجماع العملي من أهل الشرع ، ومتى احتمل استناد إجماعهم إلى دليل ـ كالاتفاق الذي ادّعاه صاحب الحدائق أو الشك في تحقق الطاعة ـ سقط عن الاعتبار .
وأمّا الاتّفاق ـ والظاهر من كلماته المختلفة اهتمامه به ـ ففيه : إنّ المسألة غير مطروحة في كلمات قدماء الأصحاب . وعلى فرض تحقّقه ، فإنه إجماع منقول وهو ليس بحجّة عند الشيخ وغيره … على أنه محتمل الاستناد .
وأمّا الشك في تحقق الطاعة بالتكرار مع التمكن من الإمتثال التفصيلي .
فالجواب عنه : إن حقيقة الطاعة هي الإتيان بما تعلّق به التكليف ، والمفروض تحقّقها بعد العمل يقيناً ، وقد تقدّم أنْ لا يدخل للخصوصيّة في تحقّقها .
وأمّا أنّ التكرار لعبٌ ، فقد أجاب صاحب الكفاية(1) : بأنه لا لعب مع الغرض العقلائي .
لكنْ فيه : إن المطلوب مقربيّة العمل إلى المولى ، وليس الغرض العقلائي ممّا يتحقّق به القرب .
والصحيح في الجواب : إن اللّعب إنّما يصدق مع كثرة التكرار . هذا أوّلاً .
وثانياً : اللّعب إنْ كان ، فهو في كيفية الطّاعة لا في نفسها .
(1) كفاية الاصول : 274 .