الرّدع عن اتّباع القطع يستلزم التناقض
وهل يمكن الردع عن القطع ؟
إنه لمّا يقطع بحكم شرعي كوجوب الصّلاة ، فقد تعلّق القطع بوجوبها وحكم العقل بحجيّة القطع ولزوم الحركة على طبقه ، فكان الحكم الشرعي متقدّماً في الرتبة على القطع ، والحكم العقلي متأخراً عن الحكم الشرعي المتعلّق به القطع ، فتقدم الحكم الشرعي على الحكم العقلي بمرتبتين .
فقال الشيخ :
فإذا قطع بكون مائع بولاً من أي سبب كان ، فلا يجوز للشارع أن يحكم بعدم نجاسته أو عدم وجوب الاجتناب عنه ، لأن المفروض أنه بمجرّد القطع يحصل له صغرى وكبرى ، أعني قوله : هذا بول ، وكلّ بول يجب الاجتناب عنه ، فهذا يجب الاجتناب عنه ، فحكم الشارع بأنه لا يجب الاجتناب عنه مناقض له(1) .
وفي الكفاية :
وبذلك انقدح امتناع المنع عن تأثيره أيضاً ، مع أنه يلزم منه اجتماع الضدّين اعتقاداً مطلقاً وحقيقةً في صورة الإصابة(2) .
وتوضيح ذلك : إنه عندما قطع بحرمة الخمر ، فقد يكون القطع موافقاً للواقع ، وقد يكون مخالفاً له ، فإن قال الشارع لا يجب الاجتناب عنه ، وكان القطع موافقاً للواقع ، لزم اجتماع الضدّين في الواقع وفي اعتقاد القاطع ، وإن كان مخالفاً للواقع، لزم اجتماعهما في اعتقاد القاطع ، دون الواقع لفرض عدم الحرمة .
والمراد من التضاد هنا هو المعنى الاصولي لا الفلسفي ، أي ما ينافي الشيء ، الأعم من التضاد والتناقض .
(1) فرائد الاصول 1 / 31 .
(2) كفاية الاصول : 258 .