الجواب عنه
وقد اُجيب عنه: بأنّ عبارة الكفاية هي عدم الالتفات غالباً .
لكنّ هذا لا يكفي جواباً عن النقض بالقطع الموضوعي ، ضرورة وجود الالتفات هناك ، فلو كان الالتفات نادراً يلزم تقييد الحكم بالفرد النّادر ، وهذا لغو ـ كما لولم يكن مورداً للالتفات أصلاً ـ ويستلزم القول باختصاص جواز الشهادة ـ مثلاً ـ بموارد نادرة فقط ، ولا يلتزم بهذا أحد .
بل التحقيق في الجواب أنْ يقال : بأنّ الالتفات الإرتكازي يجتمع مع الغفلة والغافل غير مؤاخذ ، فلا استحقاق للعقاب مع الغفلة . وتوضيح ذلك :
إن استحقاق العقاب وعدمه يدوران مدار الالتفات وعدمه ، والقطع بالخمرية وإنْ كان مورداً للالتفات ارتكازاً ، إلاّ أنه قد يغفل عنه فعلاً ، ومع الغفلة فهو معذور ، بمعنى أنه لا يستحقّ العقاب ، غير أنّ الفرق بين مورد الالتفات الارتكازي وغيره هو ارتفاع الغفلة فيه بأدنى مناسبة ، بخلاف غيره ، فحال القطع حال النور ، فكما أنا نرى الأشياء بواسطة النور ومع ذلك نغفل عنه لاستغراقنا في الأشياء المستنيرة ، غير أنا نلتفت إليه بمجرّد التنبيه إليه ، كذلك القطع ، فإنا نغفل عنه لاستغراقنا في الأشياء المقطوع بها مع كونه في ارتكازنا ، وترتفع الغفلة بأدنى التفات .
فما ذكره الميرزا من الإرتكازية صحيح ، إلاّ أنه لا ينافي الغفلة ـ وإن كانت ترتفع بأدني التفات ـ وقد تقدّم أن استحقاق العقاب يدور مدار الالتفات ، ومع الغفلة فلا استحقاق .
وهذا معنى قول صاحب الكفاية « بل لا يكون غالباً بهذا العنوان مما يلتفت إليه » .
Menu