الثالث : في ما ذكره المحقق النائيني
اختار الميرزا(1) قيام الأمارات والاصول المحرزة مقام القطع الموضوعي الكشفي ، وملخّص كلامه هو :
إن في العلم أربع جهات :
الاولى : قبول النفس للصّورة العلميّة . وهي مرتبة الانفعال .
والثانية : حصول الصّورة العلميّة فيها . وهي مرتبة الفعل .
والثالثة : الصّورة العلميّة كيفية قائمة بالنفس ، وهي مرتبة الكيف .
والرابعة : النسبة بين الصّورة والمعلوم بالعرض ، وهي مرتبة الإضافة .
وفي المرتبة الرابعة جهتان ، جهة العقد القلبي ، حيث الإنسان عالم وقاطعٌ ومتيقّن ، وجهة الكشف عن المعلوم بالعرض .
قال :
إن الإمارة تفيد جهة الكشف بأدلّة اعتبارها ، وأمّا الأصول المحرزة ، فأدلّة اعتبارها تفيد عقد القلب ، أي البناء العملي .
فكانت الأمارة والاصول قائمة مقام القطع الموضوعي الكشفي ، غير أنّ المجعول في الأمارات هو الكاشفيّة والطريقية ، والمجعول في الاصول هو البناء العملي .
ثم إنه ذهب إلى أنّ هذا القيام هو من باب حكومة أدلّة اعتبار الأمارة والأصل على الأدلّة الواقعيّة حكومةً ظاهرية ، لأنّ الحكومة على قسمين ، واقعية ، كحكومة « الطواف بالبيت صلاة » على الأدلّة الواقعية للصّلاة ، وكحكومة « لا ربابين الوالد والولد » على الأدلّة الواقعية للربا ، حيث أنّ الحاكم والمحكوم في عرض واحد ويتصرّف الحاكم في المحكوم توسعةً كما في المثال الأول ، أو تضييقاً كما في الثاني ، ولا احتمال للخلاف .
أمّا في باب الأمارات والاصول بالنسبة إلى الأدلّة الواقعية ، فالطرفان في الطّول وليسا في العرض ، فإذا قامت البيّنة على خمرية مائع ، دلّت على التوسعة في دائرة الخمر ، وأنه أعمّ من الخمر الواقعي والخمر الذي قامت عليه البيّنة ، وهي حكومة ظاهريّة ، بحيث أن الأثر يترتب ما لم ينكشف الخلاف ، فإذا انكشف سقط .
وتظهر النتيجة في مسألة الإجزاء ، ففي الحكومة الواقعيّة حيث لا يتحقق الخلاف يثبت الإجزاء ، وفي الظاهريّة يكون الحكم عدم الإجزاء بمجرد انكشاف الخلاف .
(1) أجود التقريرات 3 / 20 .