التحقيق في الجواب
والتحقيق أنْ يقال في الجواب عن هذا التفصيل بأنّ : الإنقسامات الثانويّة على قسمين : أحدهما : ما يمكن تقييده بالدليل الثاني ، والآخر : ما لا يمكن تقييده أصلاً ، وما نحن فيه من القسم الأوّل .
توضيحه : إنّ الانقسام الثانوي تارةً : من قبيل قصد الأمر ، إذ لا يمكن أخذه في المتعلّق بالدليل الأوّل ، لأنه لا يمكن أن يقول ـ على المبنى ـ : الصّلاة واجبة عليك بقصد هذا الأمر ، فيحتاج إلى الأمر الثاني . لكنّ التقييد بالعلم والجهل ليس عدم إمكانه مختصّاً بالدليل الأوّل ، بل إنه ناشئ من تقدّم الموضوع على حكمه في أيّ مقام . بيانه :
إن الحكم دائماً متأخر عن موضوعه ، فلو أراد أخذ العلم بالدليل الثاني في الموضوع ، أفاد أخذ العلم بنفس هذا الحكم في موضوعه ، كأنه قال : هذا الحكم هو للعالم بحكمه في هذه الواقعة ، وحينئذ ، يلزم الاحتلال في قانون تأخّر الحكم عن الموضوع ، فالمحذور هو عدم قابليّة تقييد الموضوع بالحكم ، وهذا المحذور موجود دائماً ، فلا يمكن التقييد لا بالدليل الأوّل ولا الثاني أبداً .
وببيان آخر : تقييد الحكم بالعلم يتوقف على العلم بالحكم ، فيكون العلم متقدّماً ومتأخراً معاً . وهو محال .
وأمّا دليل الإخفات ، فيدلُّ على الإجزاء في مقام الامتثال ، ولا دلالة له على التقييد بالعلم ، ولو فرض ظهوره في هذا التقييد ، فلابدّ من تأويله بمقتضى ما ذكر من البرهان القطعي ، فلا ينتقض ما ذكرنا بمسألة الجهر والإخفات .
Menu