الاستدلال بالإطلاقات على الحرمة
الوجه الأول : إطلاقات أدلّة الحرمة ، فدليل حرمة شرب الخمر مثلاً يعمّ بإطلاقه صورة التجرّي .
ويتوقف تماميّة هذا الوجه على بيان امور :
الأول : إنّ الأوامر والنواهي المولويّة إنما هي بداعي جعل الداعي والتأثير في إرادة العبد نحو الانبعاث أو الإنزجار .
الثاني : إنّ الواقع بما هو واقع لا يقبل الانبعاث إليه والإنزجار عنه إلاّ بوجوده الإدراكي ، والإنسان إنما يتحرّك بدافع الصّورة النفسيّة للشيء لا وجوده الواقعي ، ولولم تتحقق تلك الصّورة فلا تحرّك ولا انزجار من الإنسان . ولا يخفى عدم انحصار ذلك بالعلم ، بل اللاّزم وجود الصّورة سواء كانت علميّة أو ظنيّة أو احتمالية ، لأنّ المحرّك أو الزاجر هو درك الواقع أعم من أن يكون علميّاً أو ظنيّاً أو احتماليّاً … .
الثالث : إنّ مطابقة هذه الصّورة ومخالفتها للواقع خارجة عن اختيار الإنسان ، فقد تكون مطابقة وقد لا تكون ، ولا اختيار للإنسان في ذلك .
وبالنظر إلى هذه الامور … .
فإنّ متعلّق التكليف القابل للانبعاث والإنزجار هو ما اُحرز أنه خمر ، لما تقدّم من أن المؤثر في الإرادة هو الإحراز ، فكان متعلّق التكليف هو ما اُحرز ، وهو مطابق للواقع تارة واخرى غير مطابق له ، وقد تقدّم أن المطابقة والمخالفة ليسا باختياريين للمكلّف ، فكان موضوع الحرمة : ما اُحرز أنه شرب للخمر ، فهذا هو الموضوع ، ولا دخل فيه للواقع ولا المطابقة للواقع ، بل هو الموضوع للحكم بالحرمة سواء طابقه أو خالفه .
فالفعل الصادر من المكلّف حرام وإنْ لم يكن شرب الخمر في الواقع .
Menu