الأصل العملي
قد تقدّم أنّ أثر الحجيّة هو المنجزيّة والمعذريّة وجواز الإسناد والإستناد ، مع دفع الإيراد بالعلم الإجمالي على كلام الكفاية ، ولنا في دفع الإيراد المذكور بيانٌ آخر هو :
إنه مع وجود العلم الإجمالي يمكن جعل الحجيّة ، بل هو واقع ، لأنّ العلم الإجمالي بيانٌ للجامع ، وما يكون بياناً للجامع يستحيل أن يكون بياناً للخصوصيّة ، وإذا استحال ذلك ، كان منجزيّة العلم للخصوصيّة من جهة احتمال انطباق الجامع على الخصوصيّة ، فالمنجزيّة بالنسبة إلى الأطراف هو من جهة المقدميّة لفراغ الذمّة ومن باب أصالة الاحتياط ، وعليه ، فالشارع يجعل الخبر حجةً على الخصوصيّة كخصوص صلاة الجمعة ، ويحصل المنجّز لها خاصّة ، وعليه ، فالإشكال بتحقّق الحجيّة بالعلم الإجمالي مندفع .
وبعد هذه المقدّمة :
قال الشيخ : لا يجري استصحاب عدم جعل الحجيّة ، لعدم ترتّب أثر على الوجود الواقعي للحجيّة .
قال : فإن حرمة العمل بالظن يكفي في موضوعها عدم العلم بورود التعبّد ، من غير حاجة إلى إحراز عدم ورود التعبد به ليحتاج في ذلك إلى الأصل ثم إثبات الحرمة .
والحاصل : إن أصالة عدم الحادث إنما يحتاج إليها في الأحكام المترتبة على عدم ذلك الحادث ، وأما الحكم المترتب على عدم العلم بذلك الحادث فيكفي فيه الشك ولا يحتاج إلى إحراز عدمه بحكم الأصل …(1) .
أقول :
حاصل كلام الشيخ : إن الإستصحاب لابدّ وأن يكون ذا أثر ، فإنْ كان مترتباً على العدم أو الوجود جرى الإستصحاب واُبقي الوجود أو العدم تعبّداً ، أما إذا كان مترتباً على عدم الإحراز فلا ، لأنّ عدم الإحراز حاصل بالوجدان ، وحينئذ ، لا معنى للتعبد بعدم الإحراز . وقد استفاد الميرزا من هذا الكلام قاعدةً هي : أنه متى كان الموضوع حاصلاً بالوجدان فإحرازه بالتعبّد تحصيل للحاصل .
وفي ما نحن فيه : الأثر هو للشكّ في الحجيّة ، وهو أي الشك حاصل بالوجدان ، فلا معنى للإستصحاب .
(1) فرائد الاصول 1 / 127 ـ 128 .