إشكال المحقق الحائري و الجواب عنه
وأورد المحقق الحائري على كلام صاحب الكفاية من أن الفعل المتجرّى به لا يكون اختيارياً أصلاً حتى بملاحظة العام الشامل للفرد المقصود وغيره ، بأنّه لعلّه من سهو القلم ، فقال ما حاصله :(1)
إنه لمّا تجرأ ـ فشرب المائع بقصد الخمرية فظهر كونه ماءً ـ تحقّقت عدّة عناوين ، منها : أن الواقع هو شرب الماء ، ومنها : أن المائع مقطوع الخمرية ، ومنها أنه مقطوع الحرمة ، ومنها : انه قد شرب المائع ـ وهو عنوان جامع بين الخمر والماء ـ ومنها أنه قد تجرّأ على مولاه . فهذه كلّها عناوين منتزعة من فعله . أمّا عنوان شرب الماء فهو غير اختياري كما هو واضح ، وكذا عنوان التجرّي ، لأنه لو التفت إليه لما قصد ارتكاب الحرام والمفروض أنه قصده . والباقي من العناوين كلّه اختياري ، فقد قصد شرب المائع المقطوع الخمرية والحرمة . فقول صاحب الكفاية بعدم تحقق الفعل الاختياري في الشبهات المصداقية للتجرّي ، لأن ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد ، غير صحيح .
أقول :
وقد تعرّض المحقق الخراساني لهذا الإشكال وأجاب عنه في حاشية الرسائل(2) ، وأجاب عنه المحقق الإصفهاني(3) أيضاً ، وملخّص الجواب هو:
أن المفروض قصده شرب الخمر بخصوصيّة الخمرية ، ومعه كيف يمكن تعلّق القصد بالحصّة المتحقّقة ضمن الماء من المائع ؟ فهو من أوّل الأمر قاصد للحصّة الخمرية من الطبيعة ، فلا يمكن تعلّق القصد بالطبيعة الجامعة بين الخمر والماء وهو المائع .
وأضاف شيخنا ـ بعد أن ذكره ـ وجهاً آخر وهو : إنه بعد العلم بامتناع الإهمال في متعلّق القصد والإرادة ، وأنّه لابدّ من تعيّن المقصود والمراد ، فإنّه لا يخلو المتعلّق من احدى حالتين ، فإمّا يكون قد تناول المائع لا بشرط عن الخمرية ، فهذا خلاف الفرض ، وإمّا يكون قد تناوله بشرط الخمرية ، فلم تتعلّق الإرادة بالجامع .
(1) درر الفوائد (1 ـ 2) 335 .
(2) درر الفوائد في الحاشية على الفرائد : 37 .
(3) نهاية الدراية 3 / 34 .