أقسام القطع الموضوعي في الدرر
وقال المحقق الحائري :
إعلم أن القطع المأخوذ في الموضوع يتصوّر على أقسام :
أحدها : أنْ يكون تمام الموضوع للحكم .
والثاني : أنْ يكون جزءاً للموضوع ، بمعنى أن الموضوع المتعلّق للحكم هو الشيء مع كونه مقطوعاً به .
وعلى أيّ حال.
إمّا أن يكون القطع المأخوذ في الموضوع ملحوظاً على أنه صفة خاصّة .
وإمّا أن يكون ملحوظاً على أنه طريق إلى متعلّقه .
والمراد من كونه ملحوظاً على أنه صفة خاصّة ، ملاحظته من حيث أنه كشف تام ، ومن كونه ملحوظاً على أنه طريق ملاحظته من حيث أنه أحد مصاديق الطريق المعتبر ، وبعبارة اخرى : ملاحظة الجامع بين القطع وساير الطرق المعتبرة .
فعلى هذا ، يصح أنْ يقال في الثمرة بينهما :
إنه على الأوّل لا تقوم ساير الأمارات والاصول مقامه بواسطة الأدلّة العامة لحجيّتها ، أمّا غير الاستصحاب من الاصول ، فواضح ، وأمّا الاستصحاب وساير الأمارات المعتبرة ، فلأنها بواسطة أدلّة اعتبارها توجب إثبات الواقع تعبّداً ، ولا يكفي مجرد الواقع فيما نحن فيه ، لأن للقطع بمعنى الكشف التام دخلاً في الحكم ، إمّا لكونه تمام الملاك ، وإمّا لكونه ممّا يتم به الموضوع .
وعلى الثاني ، فقيام الأمارات المعتبرة وكذا مثل الاستصحاب لكونه ناظراً إلى الواقع في الجملة مقامه ، مما لا مانع منه …(1) .
وما ذكره يختلف عمّا تقدّم اختلافاً بسيطاً .
وعلى الجملة ، فقد أوضح صاحب الكفاية معنى القطع الموضوعي الكشفي والقطع الموضوعي الصفتي أي الوصفي ، لأن القطع من الصفات القائمة بالنفس كسائر الصفات من الشجاعة والجود وغيرهما ، لكنه صفة ذات تعلّق وإضافة ، والصفات ذات التعلّق منها ما فيه جهة الكشف أيضاً كالقطع ، ومنها ما ليس فيه جهة الكشف كالشوق مثلاً … فالقطع صفة ذات تعلّق ولها جهة الكاشفيّة ، وهذه الكاشفية ذاتيّة ـ بخلاف كاشفية الظنّ فإنها ليست بالذات ـ وكاشفيّة تامّة في أعلى المراتب بحيث لا يحتمل الخلاف في القطع ، خلافاً لصاحب الدرر ، إذ تصوّر القطع بلا كاشفيّة تامّة .
وهذا القطع قد لا يؤخذ في لسان الخطاب أصلاً ، فهو القطع الطريقي ، وقد يؤخذ ، فهو القطع الموضوعي ، وقد تقدّم ذكر أقسامه … .
فكان مجموع أقسام القطع ـ بناءً على جعل الموضوعي المأخوذ جزءً أو قيداً قسماً واحداً ـ خمسة أقسام .
(1) درر الفوائد (1 ـ 2) 330 ـ 331 .