وجه الفتوى بصحة الصّلاة مع القول بالامتناع
ثم إنّ المحقق الخراساني، بعد أنْ بيّن الحكم على القول بالجواز، قسّم المكلّف ـ بناء على الامتناع ـ إلى أقسام، وحاول توجيه فتوى المشهور بصحّة الصّلاة في المكان المغصوب من الجاهل عن قصور إذ قال: وقد ظهر بما ذكرناه وجه حكم الأصحاب بصحّة الصّلاة في الدار المغصوبة مع النسيان أو الجهل بالموضوع بل أو الحكم، إذا كان عن قصور، مع أنّ الجلّ ـ لولا الكلّ ـ قائلون بالامتناع وتقديم الحرمة….
وقد صحّحها بثلاثة وجوه:
أحدها: عن طريق قصد الملاك، لأن المفروض واجديّتها، بناءً على كفاية قصده في عبادية العمل.
والثاني: عن طريق قصد الإمتثال والطاعة، فإنّه يكفي لعباديّة العمل وإنْ قيل بعدم كفاية قصد الملاك، فكلّ عبادة جامعة للأجزاء والشرائط المعتبرة فيها، يصحّ التقرّب بها بقصد إطاعة الأمر المتعلّق بها، وهذا القصد يتمشّى من الجاهل عن قصور بالموضوع والحكم.
والثالث: عن طريق القول بأن لوصول الملاك إلى المكلّف دخلاً في حسن الفعل أو قبحه، فالمؤثر هو الملاك بوجوده العلمي لا الواقعي، وعلى هذا، فلمّا كانت مصلحة الصّلاة واصلةً فهي مأمور بها، أمّا مفسدة الغصب، فالمفروض عدم وصولها ـ للجهل القصوري ـ فلا أثر لها وإنْ قدّم النهي، لأنّ تقديمه إنما هو بحسب الواقع، وهو بلا أثر كما تقدم.