نظر الأُستاذ
فقال شيخنا الأُستاذ: بأنّ كبرى كلام المستشكل تامّة، إذ الانطباق لا يتحقق إلاّ مع الاتّحاد، والاتحاد بين الوجود والعدم محال ـ والمسألة عقليّة لا ينفع فيها النقض بالأمثلة العرفية كما في كلام البعض ـ فما ذكره حق. لكنّ الإشكال في الصغرى، فإن المجعول عنواناً في النصوص أمر عدمي مثل «عدم موافقة بني اميّة» ولا محذور في اتّحاده مع ترك الصوم. وعلى الجملة، فإن صوم عاشوراء مبغوض لموافقته لآل اميّة، فيكون تركه مطلوباً من جهة انطباق عنوان عدم الموافقة معهم له. فالإشكال مندفع.
لكن يرد على السيّد المحقّق بعد أن يكون العنوان عدميّاً: بأنّ الأمر العدمي لا يتصوّر فيه المصلحة الموجبة للرّجحان، لأن المصالح امور وجوديّة والأمر الوجودي لا يقوم بالعدم والعدمي، فالعنوان الأرجح إذا كان عدميّاً فإنه لا يكون ذا مصلحة، ومن هنا تكون مطلوبيته بالعرض، من جهة الحزازة في الوجود، وإذا كان الوجود مبغوضاً كان تركه محبوباً بالمحبوبيّة العرضية، ولذا لا يكون ترك صوم عاشوراء مستحبّاً بل الفعل ذو حزازة، فيكون تركه محبوباً، وعلى هذا، فلا مناص من القول بوجود حزازة في نفس الصّوم، وحينئذ، لا يجتمع مع الرجحان والاستحباب. هذا أوّلاً.
وثانياً: إذا كان الفعل مستحبّاً والترك كذلك والترك أرجح، فما هو الموجب لكراهة الفعل؟ إنه لا موجب له إلاّ أرجحيّة الترك، وهذا موقوفٌ على أنْ يكون الأمر بالشيء مستلزماً للنهي عن ضدّه العام، لكنّ هذا المبنى باطل.
وثالثاً: إنه لا مناسبة بين هذا الوجه وروايات المسألة، فمقام الإثبات غير مساعد له، لأن النصوص واضحة الدلالة في مبغوضيّة هذا الصوم وكونه مبعّداً عن اللّه وموجباً لاستحقاق النار، فكيف يصح الإتيان به عبادةً؟