منشأ الفرق هو الارتكاز العرفي
وقد ذكر الأُستاذ في الدّورتين: إنّه لمّا كان وجود الفرق بين مقتضى الأمر والنهي من الأُمور المسلّمة عند العرف، ولم يمكن إقامة البرهان العقلي الصحيح على ذلك بما تقدّم من الوجوه، ولا بناءً على ما ذهب إليه المحقق الفشاركي ـ وتبعه المحقق الحائري(1) ـ من أن صرف الوجود ناقض للعدم الكلّي، لأنّ كلّ وجود فهو ناقضٌ لعدم نفسه، فلابدّ وأن يكون لفهم العرف منشأ غير ما ذكر….
وقد أفاد دام ظلّه، بأن القضية في طرف الأمر وتحقق الامتثال بصرف وجود الطبيعة واضحة عقلاً وعقلاءً، وأمّا في طرف النهي، فإنّ الارتكاز العقلائي منشؤه وجود الملازمة بين عدم صرف الوجود مع عدم الوجودات كلّها، وهذا هو وجه الفرق.
ثم أجاب عمّا أورده المحقق الإصفهاني: من أنّ هذا من اللّوازم وليس مقتضى النهي نفسه، بأن المشكلة كانت في وجه الفرق، ولا أحدٌ يدّعي أنّ هذا الافتراق هو من ناحية نفس النهي….
لكن يبقى الإشكال بأنّه: إذا كان النهي عن صرف الوجود فقط لا عن جميع الوجودات، فإنه يستلزم أنّه إن خالف النهي وارتكب المنهيّ عنه، تتحقق المعصية مرّةً واحدةً ولا يكون ارتكابه فيما بعده معصيةً.
وسيأتي الجواب عنه ـ في الجهة اللاّحقة ـ من كلام المحقق الخراساني.
(1) درر الفوائد (1 ـ 2) 76.