مناقشة الأُستاذ
إنه لابدَّ من تعيين الأساس في وجه القول بالجواز، فإنْ كان مجرّد تعدّد العنوان والوجه مع وحدة الوجود والواقع، صحّ ما ذكره من الابتلاء بالمبغوضيّة، أمّا إن كان الأساس في ذلك تعدّد الوجود، بمعنى أنّ متعلَّق الأمر غير متعلّق النهي ـ كما هو التحقيق ـ فلا مبغوضية لمتعلَّق الأمر، بل يبقى على محبوبيّته وصلاحيّته للمقربيّة، غير أنّه جاء مقارناً للمبغوض وتوأماً له، كما لو وقع النظر إلى الأجنبية في أثناء الصّلاة، وكما لو وقعت الصّلاة ملازمةً لترك الأهم ـ وهو إنقاذ الغريق مثلاً ـ فإنّها بناءً على الترتّب صحيحة وصالحة للمقرّبية. والوجه في جميع هذه الموارد هو تعدّد الوجود.
هذا بناءً على الجواز.
وأمّا على الامتناع، فإنّ القائلين به ينكرون التعدّد، فمع تقديم جانب النهي لا يكون العمل صالحاً للمقرّبيّة، نعم، الجاهل عن قصور معذور، إلاّ أن معذوريّته أمر وصلاحيّة العمل للمقربيّة أمر آخر، وقد تقرّر في محلّه اشتراك الأحكام بين العالمين والجاهلين، والجهل غير رافع للمبغوضية واقعاً بل ظاهراً ـ بخلاف النسيان، فإن رفع الحكم معه واقعي، إلاّ أن الكلام ليس في النسيان ـ فالمبغوضيّة موجودة، فكيف يحكم بالصحّة؟
وأما دعوى أنّ القائلين بالجواز أيضاً يقولون بالبطلان هنا، فمردودة: بأنها خلاف صريح كلمات الفقهاء… فلاحظ منها كلام الشهيد الثاني في روض الجنان في هذه المسألة(1).
هذا، والفرق بين الصّلاة في المكان والساتر المغصوب، هو أنّ من شرائط صحة الصّلاة إباحة اللّباس، فهي في اللّباس المغصوب فاقدة للشرط، أمّا في المكان المغصوب، فالتفصيل بين القول بالجواز والقول بالامتناع.
(1) روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان 2 / 587.