مفهوم الشّرط
إنّ منطوق الجملة الشرطية يفيد ثبوت شيء عند ثبوت شيء آخر، فيبحث عن أنه هل لها ـ علاوةً على ذلك ـ دلالة على انتفاء الشيء عند انتفاء ذلك الشيء الآخر أو لا؟
إن قولك: «إن جاءك زيد فأكرمه» ظاهر في ثبوت الإكرام عند ثبوت المجيء، فهل يفيد عدم الإكرام عند عدم المجيء كذلك؟ إن كان يفيد هذا المعنى أيضاً فهو ينفي الإكرام عند عدم المجيء مطلقاً، أي: سواء أحسن إليك أو لا؟ سواء فعل كذا أو لا؟ سواء كان كذا أو لا؟، فإن وجوب إكرامه ينتفي على كلّ تقدير، ولذا لو قلت بعد ذلك مثلاً: إن أحسن إليك فأكرمه، وقع التعارض بين هذا المنطوق وإطلاق ذاك المفهوم، فإن كان بينهما عموم وخصوص مطلق، قيّد الإطلاق، وإنْ كان من وجه، رجع إلى مقتضى القاعدة في صورة وحدة الجزاء مع تعدّد الشرط، فيجمع بينهما بالحمل على «أو» أو «الواو» على ما سيأتي بالتفصيل.
فظهر أنّ للقول بوجود المفهوم للجملة الشرطية آثاراً فقهية واصولية.
ثم إنّ لـ«الشرط» إطلاقات مختلفة، فهو في اللغةً عبارة عن الربط بين الشيئين، وهذا المعنى موجود في جميع موارد استعمال «الشرط». وفي المعقول عبارة عن مكمليّة فاعلية الفاعل أو قابلية القابل، وفي الفقه ينطبق على ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود، كما في قولهم: الوضوء شرط للصّلاة. وفي الاصول ـ وفي الفقه أيضاً ـ هو الالتزام في ضمن الالتزام، أعم من أن يكون الالتزام بنحو الفعل أو بنحو النتيجة، وهل يصدق «الشرط» على الالتزامات الابتدائية؟ فيه خلاف، قال به جماعة واستدّلوا بالحديث: «المؤمنون عند شروطهم»(1).
والشرط في بحث مفهوم الشرط عبارة عن «ما عُلّق عليه شيء آخر» كذا قيل، لكنْ فيه: أنّ أخذ عنوان «التعليق» قبل إثبات دلالة الشرط عليه، غير صحيح… فالأصح أن يقال: ما يقع في القضية مقدّماً ويتلوه التالي.
(1) وسائل الشيعة 21 / 276، الباب 20 من أبواب المهور، رقم: 4.