لو كان المطلق بلا سبب و المقيَّد مسبّب
أمّا لو جاء الدليل المطلق بلا شرط وسبب، والمقيَّد مشروطاً، كما لو قال: أعتق رقبةً. ثم قال: إن ظاهرت أعتق رقبةً مؤمنةً. فهل يحمل المطلق على المقيَّد؟ قولان:
القول الأول
ذهب الميرزا النائيني وغيره إلى استحالة الحمل، لاستلزامه الدور، وبيان ذلك هو: إنّ الحمل فرع وجود المنافاة، وهي متوقفة على وحدة الحكم، ومعلوم أنّ وحدة الحكم متوقفة على وحدة الموضوع والمتعلَّق، لكنّ وحدة المتعلَّق موقوفة على التنافي.
والحاصل: إن وحدة المتعلَّق متوقفة على التنافي، وهو متوقف على وحدة الحكم، ووحدة الحكم متوقفة على وحدة المتعلَّق. وهذا دور.
القول الثاني
وذهب آخرون إلى وجوب التقييد، لأنّ إطلاق الحكم في أحد الدليلين وإنْ كان كاشفاً عن عدم اشتراط الحكم المجعول من المولى بما هو شرط للحكم في الدليل الآخر، إلاّ أن تقييده به في ذلك الدليل كاشف عن اشتراطه به، وبما أن دليل التقييد أظهر من دليل الإطلاق، فإنه يتقدّم عليه، وترفع اليد عنه، والنتيجة أن يكون الحكم المجعول مشروطاً بالشرط المزبور، وبما أنّ متعلَّق ذلك الحكم مطلق في أحد الدليلين ومقيَّد في الآخر، فلابدّ من حمل المطلق على المقيد.
ذكره الميرزا نفسه بعنوان «إن قيل». ثم أجاب بما حاصله:
إنه لمّا كان الحكم من الامور ذات التعلّق ـ لأنه إما بعثٌ وإمّا زجر ـ فوجوده متقوّم بالموضوع والمتعلَّق، وإذا تعدّد الموضوع والمتعلَّق تعدّد الحكم، وعلى هذا، فلمّا كان الحكم في أحد الدليلين مشروطاً بشرط، فإن الشرط يوجب تقيّد الحكم المشروط به، ولا يتعدّى عنه إلى الحكم الموجود في الدليل الآخر، وحينئذ، لا يحمل المطلق على المقيَّد، نعم لو اُحرز من الخارج وحدة المتعلَّقين، لزم حمل المطلق من الحكمين على مقيّدهما، كما إنه إذا ثبتت وحدة الحكمين لزم حمل المطلق من المتعلّقين على المقيّد منهما. وأما مع عدم إحراز ذلك، فلا موجب لحمل المطلق على المقيّد في شيء منهما.
Menu