كلام الكفاية
ذكر في (الكفاية) ما حاصله(1): إن اسم الجنس ـ سواء كان جوهراً أو عرضاً أو عرضيّاً ـ موضوع للماهيّة المهملة.
وبيان ذلك: إنّ اللفظ الموضوع للماهيّة ـ سواءً كانت جوهراً من الجواهر كالإنسان، أو عرضاً من الأعراض كالبياض، أو عرضيّاً ـ كالفوقيّة والتحتية ونحوهما من المعاني الانتزاعية القائمة بمنشأ انتزاعها، وكالمعاني الاعتبارية كالزوجيّة والملكيّة ونحوهما ـ لا يفيد سوى المعنى الموضوع له، فالموضوع له اسم الجنس في الموارد المذكورة هو نفس المفهوم من اللّفظ ولا شيء آخر معه، وهذا هو المقصود بالماهيّة المهملة.
قال: فهذه الماهيّة، قد تلحظ بشرط، كأنْ تلحظ بشرط وجود شيء كالإرسال مثلاً، أو بشرط عدم شيء، وقد تلحظ لا بشرط من وجود شيء أو عدمه… وكلّ ذلك خارج عن ذات الماهيّة الموضوع لها اللّفظ، لأنّه لو كان موضوعاً للماهيّة بشرط، لزم أنْ يكون إطلاق اللفظ عليه مجرّدةً من الشرط إطلاقاً مجازيّاً. هذا أولاً. وثانياً: فإنّ اللفظ لو كان موضوعاً للماهيّة بشرط الإرسال ـ مثلاً ـ لم ينطبق على الفرد، نعم، يشمل الفرد لكن الشمول له غير الإطلاق عليه، لأنّ قولنا: «أكرم كلّ عالم» يشمل «زيداً» لكنّ معنى «كلّ عالم» ليس «زيداً»، فيلزم أنْ يكون مثل هذا الإطلاق مجازيّاً.
وكذا الكلام فيما لو كان اللّفظ موضوعاً للماهيّة اللاّبشرط، أي الماهيّة التي لم يلحظ معها أيّ شيء آخر، فإنّها ليست المفهوم الموضوع له اللّفظ، لأنّ مثل هذه الماهيّة كلّي عقليّ، والكلّي العقلي موطنه الذهن، ولا يقبل الإنطباق على الخارج، فلو اُريد استعماله في الخارج لزم المجاز كذلك.
هذا خلاصة كلامه قدس سرّه. ولا يخفى أن إطلاق «العرضي» في كلامه على ما ذكر خلاف الاصطلاح المعروف، وهو المتّصف بالعرض، كالأبيض المتّفق بالبياض. كما أن إطلاق «الكلّي العقلي» على الوجود الذهني اصطلاح خاصٌّ بـ(الكفاية)، لأن المصطلح المعروف فيه هو الماهيّة للكلّي كالإنسان مثلاً.
لكنّ المهمّ في كلامه ما ذهب إليه من أن الموضوع له اسم الجنس إنّما هو عبارة عن الماهيّة المهملة، في مقابل الماهية بشرط ـ ولو كان الشرط هو العموم والإرسال ـ والماهيّة لا بشرط، أي التي لم يلحظها معها أيّ شيء آخر، وقد جعل هذه الماهيّة اللاّبشرط القسمي.
(1) كفاية الاصول: 243.