طريقُ الحائري
وذكر المحقق الحائري(1) لحمل المطلق على المقيد وجهاً آخر ومحصّل كلامه هو:
إن الدليلين المثبتين تارة يحرز وحدة الحكم فيهما، واخرى لا يحرز وحدته، ولو احرز، فتارةً يحرز وحدة السبب واخرى لا يحرز.
فإنْ لم يحرز وحدة الحكم فيهما، فهما خطابان مستقلاّن، ولا يحمل المطلق منهما على المقيّد، بل يكون كلّ منهما ظاهراً في مدلوله، ولا ترفع اليد عن الظهور إلاّ بدليل.
وإنْ اُحرز وحدة الحكم، لكن لم يحرز وحدة السبب، كما لو قال: أعتق رقبةً، ثم قال: أعتق رقبةً مؤمنة، والحكم واحد غير متعدّد، فوجوه: أحدها الحمل على المقيّد، والآخر حمل الأمر في المقيد على الاستحباب، والثالث: التحفّظ على ظهور الأمر في المقيّد في الوجوب ورفع اليد عن ظهور قيد المؤمنة وحمله على الإستحباب. ولمّا كان كلٌّ من هذه الوجوه مستلزماً لرفع اليد عن الظهور ولا مرجّح، فالكلام مجمل.
وإنْ أُحرز وحدة الحكم ووحدة السبب أيضاً، كما إذا قال: إن ظاهرت فأعتق رقبةً، ثم قال: إنْ ظاهرت فأعتق رقبةً مؤمنة، فلا مناص في هذه الصورة من حمل المطلق على المقيَّد، لأن السبب ـ وهو الظّهار ـ واحدٌ، والحكم وهو وجوب العتق واحد، فإذا كان السبب لعتق مطلق الرقبة، فلا يكون سبباً لعتق رقبة مؤمنة، ولا يمكن أن يكون سبباً لاستحباب عتق المؤمنة مع كونه السبب في وجوب عتق مطلق الرقبة، وإلاّ يلزم أن يكون الشيء الواحد سبباً لمتباينين.
(1) درر الفوائد (1 ـ 2) 236 ـ 237.