رأي صاحب الكفاية
فقد أجاب في (الكفاية)(1) بوجهين:
الأول: إن وجه النهي فيه يمكن أنْ يكون ما ذكر في القسم الأول طابق النعل بالنعل.
وحاصل ذلك: أن من النهي عن الصّلاة في الحمام مع الأمر بها، يستكشف انطباق عنوان على ترك الصّلاة في الحمام أو ملازمة لتركها فيه يجعله ـ أي الترك ـ أرجح من الفعل.
الثاني: إنّ الأمر بالصّلاة دالٌّ على الوجوب، والنهي عن الصّلاة في الحمام تنزيهي لا تحريمي، ولمّا كان الأمر بها ملازماً للترخيص العقلي في تطبيق الصّلاة على أيّة حصّة منها بمقتضى الإطلاق في «صلّ»، كانت الصّلاة في الحمّام مصداقاً للصّلاة الواجبة، إلاّ أنّ النهي عن هذه الصّلاة يفيد مرجوحية تطبيق الطبيعة على هذه الحصّة، كما أنَّ الأمر بتطبيقها على حصّة الكون في المسجد يفيد الرجحان والمحبوبيّة، وذلك، لأنّ الطبيعة المأمور بها في حدّ نفسها إذا كانت مع تشخص لا يكون له شدّة الملاءمة ولا عدم الملاءمة، يكون لها مقدار من المصلحة والمزية، كالصّلاة في الدار مثلاً، وتزداد تلك المزيّة فيما لو كان تشخّصها بماله شدّة الملاءمة، وتنقص فيما إذا لم تكن له ملاءمة، ولذلك ينقص ثوابها تارةً ويزيد اخرى، ويكون النهي فيه لحدوث نقصان في مزيّتها فيه إرشاداً إلى مالا نقصان فيه من سائر الأفراد ويكون أكثر ثواباً منه، وليكن هذا مراد من قال إن الكراهة في العبادة بمعنى أنها تكون أقل ثواباً.
هذا، وقد وافق شيخنا على هذين الجوابين.
(1) كفاية الاصول: 164.