رأي الميرزا
ثم إن الميرزا بعد أن أورد على كلام (الكفاية) ـ تبعاً للشيخ ـ بما تقدَّم قال:
والتحقيق في الجواب عن هذا القسم يتّضح برسم مقدّمة نافعة في جملة من الموارد، وهي: إنه لا شبهة في أنّ النذر إذا تعلَّق بعبادة مستحبّة، فالأمر الناشئ من النذر يتعلّق بذات العبادة التي كانت متعلّقة للأمر الاستحبابي في نفسها، فيندكّ الأمر الاستحبابي في الأمر الوجوبي ويتّحد به، فيكتسب الأمر الوجوبي جهة التعبّد من الأمر الاستحبابي، كما أنّ الأمر الاستحبابي يكتسب جهة اللّزوم من الأمر الوجوبي، فيتولّد من اندكاك أحد الأمرين في الآخر أمر واحد وجوبي عبادة، والسرّ في ذلك: أنه إذا كان متعلّق كلٍّ من الأمرين عين ما تعلَّق به الآخر، فلابدّ من اندكاك أحدهما في الآخر وإلاّ لزم اجتماع الضدّين في شيء واحد.
وأما إذا كانت العبادة المستحبة متعلَّقة للإجارة في موارد النيابة عن الغير، كان متعلَّق الأمر الاستحبابي مغايراً لما تعلَّق به الأمر الوجوبي، لأن الأمر الاستحبابي على الفرض تعلَّق بذات العبادة، وأما الأمر الناشئ من الإجارة فهو لم يتعلّق بها بل تعلَّق بإتيان العبادة بداعي الأمر المتوجّه إلى المنوب عنه، وعلى ذلك يستحيل تداخل الأمرين باندكاك أحدهما في الآخر في موارد الإجارة على العبادة، إذ التداخل فرع وحدة المتعلَّق، والمفروض عدم وحدته في تلك الموارد، فلا يلزم اجتماع الضدّين في شيء واحد.
(ثم قال) ما حاصله: إن ما نحن فيه من قبيل الإجارة لا من قبيل النذر، فالأمر بصوم عاشوراء متعلِّق بذات العبادة، لكنّ النهي متعلِّق بالتعبّد بهذه العبادة لِما فيه من المشابهة للأعداء، فاختلف المتعلَّق، لكنّ النهي لمّا كان تنزيهيّاً، فإنّه لا يكون مانعاً من التعبّد بمتعلّقه، بل يجوز الإتيان بتلك العبادة بداعي الأمر المتعلّق بذاتها… فارتفع إشكال اجتماع الضدّين في هذا القسم من العبادات المكروهة(1).
(1) أجود التقريرات 2 / 174 ـ 177.