رأي الأُستاذ:
وقد وافق الأُستاذ ـ في كلتا الدورتين ـ الميرزا النائيني، فذكر ما حاصله: إنّ مقتضى القاعدة أن تكون الغاية قيداً للمعنى الحدثي، وإنْ خالفه في قوله برجوع القيد إلى المادّة ـ في مبحث الواجب المشروط ـ لأن معنى الهيئة حرفي، وقال هناك بقابليّة الهيئة للشرط. وحاصل كلامه هنا: إنّ الحق مع الميرزا في رجوع القيد إلى المادّة المنتسبة، لأنّ ذلك هو الموافق لاستظهار الإمام عليه السلام، فقد روى الكليني في الصحيح عن سماعة قال: «سألته عن رجلين قاما فنظرا إلى الفجر، فقال أحدهما: هو ذا، وقال الآخر: ما أرى شيئاً. قال عليه السلام: فليأكل الذي لم يستبِن له الفجر، وقد حرم على الذي زعم أنه رأى الفجر. إنّ اللّه عز وجلّ يقول: (كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ اْلأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ اْلأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(1)»(2).
فقد استدلّ الإمام عليه السلام بالآية واستظهر منها المفهوم، والحكم فيها ليس بمدلول اسمي، إذ ليس في الآية كلمة «يجب» أو «يحرم» ونحوهما، بل الحكم مدلول للهيئة وهو (كُلُوا وَاشْرَبُوا). فالقول بأن الغاية إنْ كانت قيداً للمتعلّق فلا مفهوم ـ كما ذهب إليه في (الكفاية) ـ ينافي النص، والقول بعدم المفهوم إنْ كان الحكم مفاد الهيئة ساقط.
فتلخص: إنّ الحق مع الميرزا في ما ادّعاه وإنْ لم يتم دليله.
إذن، للغاية مفهومٌ سواء كانت غايةً للحكم أو للمادة التي وقع عليها الحكم، وسواء كان الحكم مدلولاً للهيئة أو مستفاداً من المادّة التي هي مدلول اسمي كالوجوب والحرمة.
وهذا مقتضى القاعدة والإرتكاز العرف أيضاً.
(1) سورة البقرة: الآية 178.
(2) وسائل الشيعة 10 / 119، الباب 48. رقم: 1.