رأي الأُستاذ
وقد وافق الشيخ الأُستاذ في الدورتين صاحب (الكفاية) فيما ذهب إليه من تأكّد الحكم، فالاستاذ وإنْ عبّر عن دليل الميرزا بأنّه في كمال المتانة، لكنّه قال بأنّه خلط بين الكشف اللّمي العقلي والكشف اللفظي.
أمّا السيد الخوئي، فإنّه ـ وإنْ ذكر ما تقدّم في هامش الأجود ـ لم يتعرّض له في (المحاضرات)(1)، واكتفى بكلام الميرزا.
وقد أيّد الأُستاذ نظر (الكفاية) بما حاصله: إن الأحكام العقلية على ثلاثة أقسام:
(1) الأحكام العقليّة العمليّة المترتبة على الأحكام الشرعيّة، كحكم العقل بلزوم إطاعة المولى وحرمة المعصية. وهذا القسم لا يقع في طريق استنباط الحكم الشرعي.
(2) الأحكام العقليّة النظريّة، كحكم العقل باستحالة اجتماع الضدّين. وهذا القسم يقع ـ بضميمة حكم شرعيّ إليه ـ في طريق الاستنباط كما في باب الترتب، حيث يوجد الحكم الشرعي ويدرك العقل بأنّ الأمر بالشيء يلازم النهي عن ضدّه. لكن هذا القسم ليس مورد الملازمة بين العقل والشرع.
(3) الأحكام العقلية التي هي مورد قاعدة الملازمة. فإن العقل يدرك الملاك وعدم المانع من تأثيره، ففي مثله تجري القاعدة ويستنبط الحكم الشرعي، لأن الأحكام الشرعية تابعة للملاكات، فإذا احرز الملاك عقلاً ترتب الحكم الشرعي ترتب المعلول على علّته.
وفيما نحن فيه:
إن كان النظر إلى الدليل اللّفظي الكاشف عن الحكم الشرعي، فالحق مع الميرزا ومن تبعه، لأنَّ الإطلاق ـ كما ذكر ـ بدلي، ولا معنى للحكم الثالث في البين، لكنْ هنا طريق عقلي، فإنه من الأمر بإكرام العالم على البدل، نستكشف وجود الملاك القابل للإنطباق على أيّ فرد من العالم، فقد احرز الملاك في إكرام العالم، وكذلك الحال في طرف الهاشمي، إذْ يحرز الملاك لإكرامه عن طريق الأمر اللّفظي، فيكون العالم الهاشمي مجمعاً للملاكين.
فإمّا يؤثّران معاً وإمّا لا يؤثّران أصلاً، وإمّا يؤثر أحدهما المعيَّن دون الآخر، وإمّا يؤثر أحدهما المردد.
أمّا المردّد، فلا واقع له.
وأمّا المعيّن، فترجيح بلا مرجّح.
وأمّا أن لا يؤثّرا، فباطل.
ويبقى أن يؤثّر كلاهما، وتأثير كليهما على المورد الواحد ليس إلاّ بنحو الواحد المؤكّد.
هذا تمام الكلام في مفهوم الشرط.
(1) محاضرات في اصول الفقه 4 / 269.